جَعفَرٍ، حدثنا يونُسُ بنُ حَبيبٍ، حدثنا أبو داودَ، حدثنا سُلَيمانُ بنُ المُغيرَةِ وحَمّادُ بنُ سلمةَ وجَعفَرُ بنُ سُلَيمانَ، كُلُّهُمُ عن ثابِتٍ، عن أنَسٍ. قالَ أبو داودَ: وحَدَّثَناه شَيخٌ سَمِعَه مِنَ النَّضْرِ بنِ أنَسٍ وقَد دَخَلَ حَديثُ بَعضِهِم في بَعضٍ قال: قال مالكٌ أبو أنَسٍ لامرأَتِه أُمِّ سُلَيمٍ وهِىَ أُمُّ أنَسٍ: أرَى هَذا الرَّجُلَ يَعنِى النَّبِىَّ -صلى الله عليه وسلم- يُحَرِّمُ الخَمرَ. فانطَلَقَ حَتَّى أتَى الشّامَ فهَلَكَ هُنالِكَ، فجاءَ أبو طَلحَةَ فخَطَبَ أُمَّ سُلَيمٍ فكَلَّمَها في ذَلِكَ فقالَت: يا أبا طَلحَةَ ما مِثلُكَ يُرَدُّ، ولَكِنَّكَ امرُؤٌ كافِرٌ وأَنا امرأَةٌ مُسلِمَةٌ، لا يَصلُحُ أن أتَزَوَّجَكَ. فقالَ: وما ذاكِ دَهرُكِ (١). قالَت: وما دَهرِى؟ قال: الصَّفراءُ والبيضاءُ. قالَت: فإِنِّى لا أُريدُ صَفراءَ ولا بَيضاءَ، أُريدُ مِنكَ الإسلامَ. قال: فمَن لى بذَلِك؟ قالَت: لَكَ بذَلِكَ رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-. فانطَلَقَ أبو طَلحَةَ يُريدُ النَّبِىَّ -صلى الله عليه وسلم- ورسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- جالِسٌ في أصحابِه فلَمّا رآه قال:"جاءَكُم أبو طَلحَةَ غُرَّةُ الإِسلامِ بَينَ عَينَيه". فجاءَ فأَخبَرَ النَّبِىَّ -صلى الله عليه وسلم- بما قالَت أُمُّ سُلَيمٍ، فتَزَوَّجَها على ذَلِكَ. قال ثابِتٌ: فما بَلَغَنا أنَّ مَهرًا كان أعظَمَ مِنه أنَّها رَضيَت بالإسلامِ مَهرًا، فتَزَوَّجَها، وكانَتِ امرأَةً مَليحَةَ العَينَينِ فيها صِغَرٌ، فكانَت مَعَه حَتَّى وُلِدَ مِنه بُنَىٌّ، وكانَ يُحِبُّه أبو طَلحَةَ حُبًّا شَديدًا، إذ مَرِضَ الصَّبىُّ وتَواضَعَ أبو طَلحَةَ لِمَرَضِه أو تَضَعضَعَ له، فانطَلَقَ أبو طَلحَةَ إلَى النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- وماتَ الصَّبِىُّ، فقالَت أُمُّ سُلَيمٍ -رضي الله عنها-: لا يَنْعَيَنَّ إلَى أبى طَلحَةَ أحَدٌ ابنَه حَتَّى أكونَ أنا أنعاه له. فهَيّأتِ الصَّبِىَّ ووَضَعَته وجاءَ أبو طَلحَةَ مِن عِندِ رسولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- حَتَّى دَخَلَ عَلَيها، فقالَ: كَيفَ ابنى؟ فقالَت: يا أبا طَلحَةَ
(١) يقال: ما ذاك دهرى، وما دهرى بكذا. أى: همتى وإرادتى. النهاية ٢/ ١٤٥.