للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الحَسَنِ بنِ مَنصورٍ، أخبرَنا هارونُ بنُ يوسُفَ بنِ زيادٍ، حدثنا ابنُ أبي عُمَرَ، حدثنا عبدُ الرَّزّاقِ، أخبرَنا مَعمَرٌ، عن كَثيرِ بنِ كَثيرِ بنِ المُطَّلِبِ بنِ أبي وداعَةَ وأيّوبَ، يَزيدُ أحَدُهُما على صاحِبِه، عن سعيدِ بنِ جُبَيرٍ قال: قال ابنُ عباسٍ: أوَّلُ ما اتَّخَذَ النِّساءُ المِنطَقَ (١) مِن قِبَلِ أُمِّ إسماعيلَ، اتَّخَذَت مِنطَقًا لِتُعفِىَ أثَرَها على سارَةَ، ثُمَّ جاءَ بها إبراهيمُ عَلَيه السَّلامُ وبابنِها إسماعيلَ عَلَيه السَّلامُ وهِىَ تُرضِعُه حَتَّى وضَعَها (٢) عِندَ البَيتِ، ولَيسَ بمَكَّةَ يَومَئذٍ أحَدٌ ولَيسَ بها ماءٌ، فوَضَعَهُما هُنالِكَ ووَضَعَ عِندَهُما جِرابًا فيه تَمرٌ وسِقاءً فيه ماءٌ، ثُمَّ قَفَّى إبراهيمُ مُنطَلِقًا، فتَبِعَته أُمُّ إسماعيلَ وقالَت: يا إبراهيمُ أينَ تَذهَبُ وتَترُكُنا بهَذا الوادِى الَّذِي لَيسَ فيه أنيسٌ ولا شَئٌ؟ قالَت ذَلِكَ ثَلاثَ مِرارٍ (٣) وجَعَلَ لا يَلتَفِتُ، فقالَت له: آللهُ أمَرَكَ بهَذا؟ قال: نَعَم. قالَت: إذن لا يُضَيِّعُنا. ثُمَّ رَجَعَت، وانطَلَقَ إبراهيمُ حَتَّى إذا كان عِندَ البَيتِ حَيثُ لا يَرَونَه استَقبَلَ بوَجهِه البَيتَ، ثُمَّ دَعا بهَذِه الدَّعَواتِ ورَفَعَ يَدَيه وقالَ: {رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ} حَتَّى بَلَغَ: {لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ} [إبراهيم: ٣٧]. فجَعَلَت أُمُّ إسماعيلَ تُرضِعُ إسماعيلَ وتَشرَبُ مِن ذَلِكَ الماءِ حَتَّى إذا نَفِدَ ما في السِّقاءِ عَطِشَت وعَطِشَ ابنُها وجاعَ، وجَعَلَت تَنظُرُ إلَيه يَتَلَوَّى - أو قال: يَتَلَبَّطُ - فانطَلَقَت كَراهيَةَ أن تَنظُرَ إلَيه، فوَجَدَتِ الصَّفا أقرَبَ جَبَلٍ في الأرضِ يَليها


(١) المنطق: النِّطاق، وجمعه مَناطِقُ؛ وهو أن تلبس المرأة ثوبها ثم تشد وسطها بشيء وترفع وسط ثوبها وترسله على الأسفل عند معاناة الأشغال لئلا تعثر في ذيلها. النهاية ٥/ ٧٥.
(٢) في م: "وضعهما".
(٣) في س، م: "مرات".