أخبرَنا عليُّ بنُ محمدِ بنِ عيسَى، حدثنا أبو اليَمانِ، أخبرَنا شُعَيبٌ، عن الزُّهرِىِّ قال: كان سعيدُ بنُ المُسَيَّبِ يقولُ: لَيسَ باستِكراءِ الأرضِ بالذَّهَبِ والوَرِقِ بأس، وقَد بَلَغَنا أن رافِعَ بنَ خَديجٍ كان يُحَدِّثُ أنَّ عَمَّيه -وكانا قَد شَهِدا بَدرًا- يُحَدِّثانِ أن رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عن كِراءِ الأرضِ. فلِذَلِكَ مِن حَديثِ رافعِ بنِ خَديجٍ كان عبدُ الله بنُ عُمَرَ يَترُكُ كِراءَ أرضِه، فلَم يَكُنْ يُكريها لا بذَهَبٍ ولا بوَرِق ولا بشَئٍ، فأخَذَ بذَلِكَ مِن فُتيا رافِع أُناس وتَرَكَه آخَرونَ، فأما المُعامَلَةُ على الشَّطرِ أوِ الثُّلُثَينِ أو ما اصطَلَحوا عَلَيه مِن ذَلِكَ فقَد بَلَغَنا أن رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَد كان عامَلَ يَهودَ خَيبَرَ حينَ أفاءَ اللهُ على المُسلِمينَ على الشَّطرِ، وذَلِكَ أطيَبُ أمرِ الأرضِ وأحَلُّه (١).
قال الشَّيخُ: ومَن قال بالأوَّلِ أجابَ عن هذا وزَعَمَ أن ما ثَبَتَ عن النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فلا حُجَّةَ في قَولِ أحَدٍ دونَه، وحَديثُ رافِعٍ حَديث ثابِت، وفيه دَليل على نَهيِه عن المُعامَلَةِ عَلَيها ببَعضِ ما يَخرُجُ مِنها، إلَّا أنَّه أسنَدَه عن بَعضِ عُمومَتِه مَرة وأرسَلَه أُخرَى، واستَقصَى في رِوايَتِه مَرَّةً واختَصرَها أُخرَى، وتابَعَه على رِوايَتِه جابِرُ بنُ عبدِ اللهِ وغَيرُه كما قَدَّمنا ذِكرَه، وحَديثُ المُعامَلَةِ بشَطرِ ما يَخرُجُ مِن خَيبَرَ مِن ثَمَرٍ أو زَرعٍ مَقول به إذا كان الزَّرعُ بَينَ ظَهرانَي النخلِ، وفِى ذَلِكَ جَمع بَينَ الأخبارِ الوارِدَةِ فيه، وبِاللَّهِ التَّوفيقُ، واللهُ أعلمُ.
(١) أخرجه النسائي (٣٩١٤، ٣٩١٥) من طريق شعيب به، وفى الموضع الثاني لم يذكر: عميه. وفى الموضع الأول لم يذكر ابن المسيب. وهو عنده مختصر جدًا بذكر المرفوع.