للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال: "لا". قُلتُ: فبِالشَطرِ؟ قال: "لا". قُلتُ: فبِالثُّلُثِ؟ قال: "الثُّلُثُ كَبيرٌ - أو: كَثيرٌ - إنَّكَ أن تَدَعَ ورَثَتَكَ أغنياءَ خَيرٌ لَكَ مِن أن تَدَعَهُم عالَةً يَتَكَفَّفونَ النّاسَ، وِإنَّكَ لَن تُنفِقَ نَفَقَةً تَبتَغِى بها وجهَ اللَّهِ إلَّا أُجِرتَ فيها، حَتَّى ما تَجعَلُ في فِي امرأتِكَ". قال: فقُلتُ: يا رسولَ اللَّهِ، أَأُخَلَّفُ (١) بعدَ أصحابِى؟ فقالَ: "إنَّكَ لَن تُخَلَّفَ فتَعمَلَ عَمَلًا صالِحًا إلَّا ازدَدتَ به دَرَجَةً ورِفعَةً، ولَعَلَّكَ أن تُخَلَّفَ حَتَّى يَنتَفِعَ بكَ أقوامٌ ويُضَرَّ بكَ آخَرونَ، اللَّهُمَّ أمضِ لأصحابِى هِجرَتَهُم، ولا تَرُدَّهُم على أعقابِهِم، لَكِنِ البائسُ سَعدُ بنُ خَوْلَةَ". [يَرثِي له رسولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أن ماتَ بمَكَّةَ] (٢). لَفظُ حَديثِ القَطانِ. وفِى رِوايَةِ ابنِ وهبٍ: قُلتُ: فبِالشَّطرِ يا رسولَ اللَّهِ؟ قال: "لا، الثُّلُثَ (٣)، والثُّلُثُ كَثيرٌ" (٤). رَواه البخاريُّ في "الصحيح" عن عبدِ اللَّهِ بنِ يوسُفَ عن مالكٍ، ورَواه مسلمٌ عن أبى الطّاهِرِ وحَرمَلَةَ عن ابنِ وهبٍ عن يونُسَ (٥).


(١) أخلَف، على صيغة المجهول، قال ابن عبد البر: يحتمل أن يكون لما سمع النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: إنك لن تنفق نفقة، وتنفق فعل مستقبل؛ أيقن أنه لا يموت من مرضه ذلك أو ظن ذلك فاستفهمه: هل يبقى بعد أصحابه. التمهيد ٥/ ٢٠٤. وقال أبو العباس القرطبى: هذا الاستفهام إنما صدر من سعد مخافة أن يكون مقامه بمكة بعد أصحابه إلى أن يموت بها قادحًا في هجرته. المفهم في شرح مسلم ٤/ ٥٤٧. وينظر الحديث بعد القادم.
(٢) اختلف في رفع هذا القدر من الحديث. ينظر شرح صحيح البخارى لابن بطال ٣/ ٢٧٨، وفتح البارى ٥/ ٣٦٥، ١١/ ١٨٠.
(٣) قال العينى: الثلث الأول منصوب على الإغراء أو على تقدير: أعط الثلث، ويجوز فيه الرفع على تقدير: الثلث يكفيك. عمدة القارى ٢١/ ٢١.
(٤) المصنف في الصغرى (٢٣٠٤)، ويعقوب بن سفيان ١/ ٣٦٨، ٣٦٩، ومالك ٢/ ٧٦٣ ومن طريقه النسائي في الكبرى (١٠٩٢٩)، وابن حبان (٦٠٢٦). وعند النسائي مقتصرًا على: "اللهم أمض لأصحابى هجرتهم". وأخرجه أبو عوانة (٥٧٦٨) من طريق ابن وهب به.
(٥) البخارى (١٢٩٥)، ومسلم (١٦٢٨/ عقب ٥).