إلَى السُّوقِ، فقالَ له عُمَرُ - رضي الله عنه -: أينَ تُريدُ؟ قال: السّوقَ. قال: قَد جاءَكَ ما يَشغَلُكَ عن السُّوقِ. قال: سُبحانَ اللَّهِ! يَشغَلُنِى عن عيالِى؟ قال: تَفرِضُ (١) بالمَعروفِ. قال: ويحَ عُمَرَ! إنِّى أخافُ ألَّا يَسَعَنِى أن آكُلَ مِن هذا المالِ شَيئًا. قال: فأنفَقَ في سَنَتَينِ وبَعضِ أُخرَى ثَمانيَةَ آلافِ دِرهَمٍ، فلَمّا حَضَرَه المَوتُ قال: قَد كُنتُ قُلتُ لِعُمَرَ: إنِّى أخافُ ألَّا يَسَعَنِى أن آكُلَ مِن هذا المالِ شَيئًا. فغَلَبَنِى، فإِذا أنا مِتُّ فخُذوا مِن مالِى ثَمانيَةَ آلافِ دِرهَمٍ ورُدّوها في بَيتِ المالِ. قال: فلَمّا أُتِى بها عُمَرُ - رضي الله عنه - قال: رَحِمَ اللهُ أبا بكرٍ، لَقَد أتعَبَ مَن بَعدَه تَعَبًا شَديدًا.
١٣١٤١ - أخبرَنا أبو حازِمٍ عُمَرُ بنُ أحمدَ العَبدُوِىُّ الحافظُ، أخبَرَنا أبو الفَضلِ محمدُ بنُ عبدِ اللهِ بنِ محمدِ بنِ خَميرُويَه، حدثنا أحمدُ بنُ نَجدَةَ، حدثنا سعيدُ بنُ مَنصورٍ، حدثنا سفيانُ، حدثنا أيُّوبُ، عن محمدِ بنِ سيرينَ، عن الأحنَفِ بنِ قَيسٍ قال: كُنّا ببابِ عُمَرَ بنِ الخطابِ - رضي الله عنه - نَنظُرُ أن يُؤذَنَ لَنا، فخَرَجَتْ جاريَةٌ فقُلنا: سُرِّيَّةُ أميرِ المُؤمِنينَ. فسَمِعَتْ فقالَت: ما أنا بسُرِّيَّةِ أميرِ المُؤمِنينَ، وما أَحِلُّ له، إنِّى لَمِن مالِ اللهِ تَعالَى. قال: فذُكِرَ ذَلِكَ لِعُمَرَ بنِ الخطابِ، فدَخَلْنا عَلَيه فأخبرْناه بما قُلنا وبِما قالَت، فقالَ: صَدَقَتْ، ما تَحِلُّ لِى، وما هِى لِى بسُرِّيَّةٍ، وإِنَّها لَمِن مالِ اللهِ عَزَّ وجَلَّ، وسأُخبِرُكُم بما أستَحِلُّ مِن هذا المالِ؛ أستَحِلُّ مِنه حُلَّتَينِ حُلَّةً لِلشِّتاءِ وحُلَّةً