للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ابنُ عبدِ مَنافٍ فأخَذَه مِن أُمِّه وقَدِمَ به مَكَّةَ وهو مُردِفُه على راحِلَتِه، فقيلَ: عبدٌ مَلَكَه المُطَّلِبُ. فغَلَبَ عَلَيه ذَلِكَ الاسمُ، فقيلَ: عبدُ المُطَّلِبِ. وحينَ بُعِثَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - بالرِّسالَةِ آذاه قَومُه وهَمّوا به، فقامَت بَنو هاشِمٍ وبَنو المُطَّلِبِ مُسلِمُهُم وكافِرُهُم دونَه وأبَوا أن يُسلِموه، فلَمّا عَرَفَت قُرَيشٌ أن لا سَبيلَ إلَى محمدٍ - صلى الله عليه وسلم - مَعَهُم اجتَمَعوا على أن يَكتُبوا فيما بَينَهُم على بَنِى هاشِمٍ وبَنِى المُطلِبِ: ألا يُنكِحوهُم، ولا يَنكِحوا إلَيهِم، ولا يُبايِعوهُم، ولا يَبتاعوا مِنهُم. وعَمَدَ أبو طالِبٍ فأدخَلَهُمُ الشِّعبَ شِعبَ أبى طالِبٍ في ناحيَةٍ مِن مَكَّةَ، وأقامَت قُرَيشٌ على ذَلِكَ مِن أمرِهِم في بَنِى هاشِمٍ وبَنِى المُطلِبِ سَنَتَينِ أو ثَلاثًا حَتَّى جُهِدوا جَهدًا شَديدًا، ثُمَّ إنَّ اللهَ تَعالَى برَحمَتِه أرسَلَ على صَحيفَةِ قُرَيشٍ الأرَضَةَ (١)، فلَم تَدَعْ فيها اسمًا للهِ إلا أكَلَته وبَقِى فيها الظُّلمُ والقَطيعَةُ والبُهتانُ، وأَخبَرَ بذَلِكَ رسولَه، وأخبَرَ به رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أبا طالِبٍ، واستَنصَرَ به أبو طالِبٍ على قَومِه، وقامَ هِشامُ بنُ عمرِو بنِ رَبيعَةَ في جَماعَةٍ ذَكَرَهُمُ ابنُ إسحاقَ في "المغازى" (٢) بنَقضِ ما في الصَّحيفَةِ وشَقِّها، فلِذَلِكَ جَمَعَ أميرُ المُؤمِنينَ عُمَرُ بنُ الخَطاب - رضي الله عنه - في سائرِ الأَعطيَةِ (٣) بَينَ بَنِى هاشِمٍ وبَنِى المُطَّلِبِ، وقَدَّمَهُما على بَنى عبدِ شَمسٍ وبَنِى نَوفَلٍ، وإِنَّما وقَعَتِ البِدايَةُ ببَنِى عبدِ شَمسٍ قبلَ بنى نَوفَلٍ لأنَ هاشِمًا والمُطلِبَ وعَبدَ شَمسٍ كانوا إخوَةً


(١) الأرضة: دودة بيضاء شبه النملة منها كبار وهى آفة الخشب خاصة، ومنها ضرب مثل كبار النمل ذوات أجنحة، وهى آفة كل شئ. المحكم ٨/ ٢٢١.
(٢) ينظر سيرة ابن هشام ١/ ٣٧٤.
(٣) في م: "العطية".