قال الشيخُ: هذا الاختِلافُ في مَتنِ حَديثِ ابنِ أَبزَى عن عَمّارٍ إنَّما وقَعَ أَكثَرُه مِن سلمةَ بنِ كُهَيلٍ لِشَكٍّ وقَعَ له، والحَكَمُ بنُ عُتَيبَةَ فقيهٌ حافِظٌ قَد رواه عن ذَرِّ بنِ عبدِ اللَّه عن سعيدِ بنِ عبدِ الرحمنِ، ثم سَمِعَه مِن سعيدِ بنِ عبدِ الرحمنِ، فساقَ الحديثَ على الإثباتِ مِن غَيرِ شَكٍّ فيه، وحَديثُ قَتادَةَ عن عَزرَةَ يُوافِقُه، وكَذَلِكَ حَديثُ حُصَينٍ عن أبي مالكٍ، وأَمّا حَديثُ قَتادَةَ عن مُحَدِّثٍ عن الشَّعبِيِّ، فهوَ مُنقَطِعٌ، لا يُعلَمُ مِنَ الذي حدَّثه فيُنظَرَ فيهِ. وقَد ثَبَتَ الحديثُ مِن وجهٍ آخَرَ لا يَشُكُّ حَديثِيٌّ في صِحَّةِ إِسنادِه:
١٠٢٨ - أخبرَناه أبو الحسينِ عليُّ بنُ محمدِ بنِ عبدِ الله بنِ بِشْرانَ العَدلُ ببَغدادَ، أخبرَنا إِسماعيلُ بنُ محمدٍ الصّفّارُ، حدثنا محمدُ بنُ إسحاقَ الصَّاغانيُّ في جُمادَى الأُولَى سنةَ ثَمانٍ وسِتّينَ ومِائَتَينِ، حدثنا يَعلَى بنُ عُبَيدٍ الطَّنافِسِيُّ، حدثنا الأعمَشُ، عن شَقيقٍ قال: كُنتُ جالِسًا مَعَ عبدِ اللَّه وأَبِي موسَى فقال أبو موسَى: يا أبا عبدِ الرحمنِ، الرَّجُلُ يُجنِبُ فلا يَجِدُ الماءَ، يُصلِّي؟ قال: لا. قال: أَلَم تَسمَعْ قَولَ عَمَّارٍ لِعُمَرَ: إنَّ رسولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَعَثَنِي أَنا وأَنتَ فأَجنَبتُ فتَمَعَّكتُ بالصَّعيدِ، فأَتَينا رسولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فأَخبَرْناه فقال:"إنَّما كان يَكفيكَ هَكَذا". ومَسَحَ وجهه وكفيه واحدةً؟ فقال: إِنِّي لم أَرَ عمرَ قَنِعَ بذَلِكَ. قال: قُلتُ: فكَيفَ تَصنَعونَ بهَذِه الآيَةِ: " {فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا}[المائدة: ٦]. قال: إنا لَو رَخَّصنا لَهُم في هذا كان أَحَدُهُم إذا وجَدَ الماءَ البارِدَ تَمَسَّحَ بالصَّعيدِ. قال الأعمَشُ: فقُلتُ لِشَقيقٍ: فما كَرِهَه إِلا لِهَذا (١).
(١) المصنف في الصغرى (٢٣٣). وأخرجه أحمد (١٨٣٣٤)، وابن حبان (١٣٠٤، ١٣٠٧) من طريق=