للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ورَوَى الحسنُ بنُ محمدِ بنِ الصَّبّاحِ الزعفرانيُّ عن الشافعي حَديثَ ابنِ عمرَ في التَّيَمُّمِ ضَربَةٌ لِلوَجه وضَربَةٌ لِليَدَينِ إلى المِرفَقَينِ. ثم قال: قال أبو عبدِ اللَّه يَعني الشافِعِيَّ: وبِهَذا رأَيتُ أَصحابَنا يأخُذونَ، وقَد روِي فيه شَيءٌ عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولَو أَعلَمُه ثابِتًا لم أَعْدُه ولَم أَشُكَّ فيه، وقَد قال عَمَّارٌ: تَيَمَّمنا مَعَ النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى المَناكِبِ. ورُوِي عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: الوَجهَ والكَفينِ. وكأنَّ قَولَه: تَيَمَّمنا مَعَ النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى المَناكِبِ. لم يَكُنْ عن أَمرِ النبي - صلى الله عليه وسلم -، فإِن ثَبَتَ عن عَمّارٍ عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: الوَجهَ والكَفَّينِ. ولَم يَثبُتْ عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: إلى المِرفَقَينِ. فما ثَبَتَ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أَولَى، وبِهَذا كان [يُفتِي سَعيدُ] (١) بنُ سالِمٍ.

فكأنَّه في القَديمِ شَكَّ في ثُبوتِ الحديثَينِ؛ لِما ذَكَرنا في كُلِّ واحِدٍ مِنهُما، ومَسْحُ الوَجهِ والكَفينِ في حَديثِ عَمَّارٍ ثابِتٌ، وهو أَثبَتُ مِن حَديثِ مَسْحِ الذِّراعَينِ، إِلا أن حَديثَ مَسْحِ الذِّراعَينِ أَيضًا جَيِّدٌ بالشواهِدِ التي ذَكَرناها، وهي (٢) في قِصَّةٍ أُخرَى، فإِن كان حَديثُ عَمّارٍ في ابتِداءِ التَّيَمُّمِ حَيثُ نَزَلَتِ الآيَةُ ورَجَعوا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فأَخبَرَهُم أنَّه يَجزيهِم مِنَ التَّيَمُّمِ أَقَل مِمَّا فعَلوا، فحَديثُ مَسحِ الذِّراعَينِ بَعدَه، فهوَ أَولَى بأَن يُتَّبَعَ، وهو أَشبَهُ بالكِتابِ والقياسِ، وهو فِعلُ ابنِ عمرَ صَحيحٌ عنه.

وقَد رُوِي عن علي وابنِ عباسٍ مَسحُ الوَجهِ والكَفَّينِ، وروِي عن علي بخِلافِهِ:


(١) في س: "يقول سعد"، وفي م: "يفتي سعد". وهو سعيد بن سالم أبو عثمان المكى القداح. ينظر سير أعلام النبلاء ٩/ ٣١٩.
(٢) في س، م: "هو".