للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وبَينَه إلَّا عبدُ اللهِ بنُ عباسٍ غَداةَ أُصيبَ. قال: وكانَ إذا مَرَّ بَينَ الصَّفَّينِ قامَ، فإِن رأى خَلَلًّا قال: استَوُوا. حَتَّى إذا لَم يَرَ فيهِم خَلَلًا تَقَدَّمَ فكَبَّرَ. قال: ورُبَّما قرأ بسورَةِ "يوسف" أو "النحل" أو نَحو ذَلِكَ في الرَّكعَةِ الأولَى حَتَّى يَجتَمِعَ النّاسُ. قال: فما هو إلَّا أن كَبَّرَ. قال: فسَمِعتُه يقولُ: قَتَلَنِى الكَلبُ. أو: أكَلَنِى الكَلبُ. حينَ طَعَنَه، فطارَ العِلجُ بالسِّكّينِ ذاتِ طَرَفَينِ، لا يَمُرُّ على أحَدٍ يَمينا ولا شِمالًا إلَّا طَعَنَه، حَتَّى طَعَنَ (١) ثَلاثَةَ عَشَرَ رَجُلًا، فماتَ مِنهُم تِسعَةٌ (٢)، فلَمّا رأى ذَلِكَ رَجُلٌ مِنَ المُسلِمينَ طَرَحَ عَلَيه بُرنُسًا، فلَمّا ظَنَّ العِلجُ أنَّه مأخوذٌ نَحَرَ نَفسَه، قال: وتَناوَلَ عُمَرُ يَدَ عبدِ الرَّحمَنِ بنِ عَوفٍ -رضي الله عنهما- فقَدَّمَه. قال: فمَن يَلِى عُمَرَ -رضي الله عنه- فقَد رأى الَّذِى رأى، وأمّا نَواحِى المَسجِدِ فإِنَّهُم لا يَدرونَ غَيرَ أنَّهُم فقَدوا صَوتَ عُمَرَ -رضي الله عنه- وهُم يَقولونَ: سُبحانَ اللهِ، سُبحانَ اللهِ. قال: فصَلَّى بهِم عبدُ الرَّحمَنِ بنُ عَوفٍ -رضي الله عنه- صَلاةً خَفيفَةً، فلَمّا انصرَفوا قال: يا ابنَ عباسٍ، انظُرْ مَن قَتَلَنِى. فجالَ ساعَةً ثُمَّ جاءَ فقالَ: غُلامُ المُغيرَةِ. فقالَ: الصَّنَعُ (٣)؟ قال: نَعَم. قال: قاتَلَه اللهُ، لَقَد كُنتُ أمَرتُ به مَعروفًا، فالحَمدُ للهِ الَّذِى لَم يَجعَلْ مِيتَتِى بيَدِ رَجُلٍ يَدَّعِى الإسلامَ. وقالَ: قَد كُنتَ أنتَ وأبوكَ تُحِبّانِ أن تَكثُرَ العُلوجُ بالمَدينَةِ. قال: وكانَ العباسُ -رضي الله عنه- أكثَرَهُم رَقيقًا، فقالَ: إن شِئتَ فعَلنا. أى إن شِئتَ قَتَلْنا. قال:


(١) في س، ص ٨: "جرح".
(٢) في حاشية الأصل: "سبعة".
(٣) في حاشه الأصل: "الصانع". اهـ. ويقال: رجل صَنَع اليد، وقوم صنع اليد، وامرأة صناع: وهو الحاذق في صناعته. مشارق الأنوار ٢/ ٤٦، ٤٧.