رآه أبو بكرٍ -رضي الله عنه- فاضَت عَيناه فقالَ: ما شأنُكَ؟ قال: ما زِدتُ على أنَّه كان يوَلّينِى شَيئًا مِن عَمَلِه فخُنتُه فريضَةً واحِدَةً فقَطَعَ يَدِى. فقالَ أبو بكرٍ -رضي الله عنه-: تَجِدونَ الَّذِى قَطَعَ هذا يَخونُ أكثَرَ مِن عِشرينَ فريضَةً، واللهِ لَئن كُنتَ صادِقًا لأُقيدَنَّكَ به. قال: ثُمَّ أدناه ولَم يُحَوِّلْ مَنزِلَتَه التى كانَت له مِنه، فكانَ الرَّجُلُ يَقومُ اللَّيلَ فيَقرأُ، فإِذا سَمِعَ أبو بكرٍ -رضي الله عنه- صَوتَه قال: يا للهِ لِرَجُلٍ قَطَعَ هذا. قالَت: فلَم يَغبُرْ إلَّا قَليلًا حَتَّى فقَدَ آلُ أبى بكرٍ -رضي الله عنه- حُليًّا لَهُم ومَتاعًا، فقالَ أبو بكرٍ -رضي الله عنه-: طُرِقَ الحَيُّ اللَّيلَةَ. فقامَ الأقطَعُ فاستَقبَلَ القِبلَةَ ورَفَعَ يَدَه الصَّحيحَةَ والأُخرَى التى قُطِعَت فقالَ: اللَّهُمَّ أظهِرْ على مَن سَرَقَهُم، أو نَحوَ هذا. وكان مَعمَرٌ رُبَّما قال: اللَّهُمَّ أظهِرْ على مَن سَرَقَ أهلَ هذا البَيتِ الصّالِحينَ. قال: فما انتَصَفَ النَّهارُ حَتَّى عَثَروا على المَتاعِ عِندَه، فقالَ له أبو بكرٍ -رضي الله عنه-: ويلَكَ، إنَّكَ لَقَليلُ العِلمِ باللَّهِ. فأمَرَ به فقُطِعَت رِجلُه.
قال مَعمَرٌ: وأخبَرَنِى أيّوبُ عن نافِعٍ عن ابنِ عُمَرَ نَحوَه، إلَّا أنَّه قال: كان إذا سَمِعَ أبو بكرٍ صَوتَه قال: ما لَيلُكَ بلَيلِ سارِقٍ (١).
والاستِدلالُ في هذه المَسألةِ وقَعَ بقَولِه: واللَّهِ لَئن كُنتَ صادِقًا لأُقيدَنَّكَ بهِ.
١٦١١٨ - أخبرَنا أبو بكرِ ابنُ الحَسَنِ القاضِى وأبو زَكَريّا ابنُ أبى إسحاقَ المُزَكِّى وأبو سعيدِ ابنُ أبى عمرٍو قالوا: حدثنا أبو العباسِ الأصَمُّ،
(١) الدارقطنى ٣/ ١٨٤، وعبد الرزاق (١٨٧٧٤). وقال الذهبى ٦/ ٣١٣٨: سنده صحيح.