بهَذا الإِسنادِ قال: جَعَلَ رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- ديَةَ الخَطأِ أخماسًا. لَم يَزيدوا على هذا ولَم يَذكُروا فيه تَفسيرَ الأخماسِ، فيُشبِهُ أن يَكونَ الحَجّاجُ رُبَّما كان يُفَسِّرُ الأخماسَ برأيِه بعدَ فراغِه مِنَ الحَديثِ، فيَتَوَهَّمُ السّامِعُ أن ذَلِكَ فى الحَديثِ ولَيس كَذَلِكَ.
قالَ الشيخُ: وكَيفَما كان فالحَجّاجُ بنُ أرطاةَ غَيرُ مُحتَجٍّ به، وخِشفُ بنُ مالكٍ مَجهولٌ (١)، والصَّحيحُ أنَّه مَوقوفٌ على عبدِ اللهِ بنِ مَسعودٍ، والصَّحيحُ عن عبدِ اللهِ أنَّه جَعَلَ أحَدَ أخماسِها بَنِى المَخاضِ فى الأسانيدِ التى تَقَدَّم ذِكرُها، لا كما تَوَهَّمَه شَيخُنا أبو الحَسَنِ الدّارَقُطنِىُّ رَحِمَنا اللهُ وإيّاه، وقَدِ اعتَذَرَ مَن رَغِبَ عن قَولِ عبدِ اللهِ -رضي الله عنه- فى هذا بشَيئَينِ؛ أحَدُهُما، ضَعفُ رِوايَةِ خِشفِ بنِ مالكٍ عن ابنِ مَسعودٍ بما ذَكَرنا، وانقِطاعُ رِوايَةِ مَن روَاه عنه مَوقوفًا؛ فإِنَّه إنَّما روَاه إبراهيمُ النَّخَعِىُّ عن عبدِ اللهِ، وأبو عُبَيدَةَ ابنُ عبدِ اللهِ بنِ مَسعودٍ عن أبيه، وأبو إسحاقَ عن عَلقَمَةَ عن عبدِ اللهِ، ورِوايَةُ إبراهيمَ عن عبدِ اللهِ مُنقَطِعَةٌ لا شَكَّ فيها، ورِوايَةُ أبى عُبَيدَةَ عن أبيه؛ لأنَّ أبا عُبَيدَةَ لَم يُدرِكْ أباه، وكَذَلِكَ رِوايَةُ أبى إسحاقَ السَّبيعِىِّ عن عَلقَمَةَ مُنقَطِعَةٌ؛ لأنَّ أبا إسحاقَ رأى عَلقَمَةَ لَكِن لَم يَسمَعْ مِنه شَيئًا: أخبرَنا أبو الحُسَينِ ابنُ بِشْرانَ ببَغدادَ، أخبرَنا أبو عمرِو ابنُ السَّمّاكِ، حدثنا حَنبَلُ بنُ إسحاقَ، حَدَّثَنِى أبو عبدِ اللهِ وهو أحمدُ بنُ حَنبَلٍ، حدثنا محمدُ بنُ جَعفَرٍ، حدثنا
(١) تقدم الكلام على الحجاج بن أرطاة عقب (٣٢). وينظر الكلام على خشف بن مالك فى: التاريخ الكبير ٣/ ٢٢٦، والجرح والتعديل ٣/ ٤٠١، وثقات ابن حبان ٤/ ٢١٤، وتهذيب الكمال ٢٧/ ١٦٩، وقال ابن حجر فى التقريب ١/ ٢٢٣: وثقه النسائى.