للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فذَكَرَ هذا الحديثَ. قال الشّافِعِيُّ: فقالَ لِي قائلٌ: ما مَنَعَكَ أن تأخُذَ بحَديثِ ابنِ بُجَيدٍ؟ قال: لا أعلمُ ابنَ بُجَيدٍ سَمِعَ مِنَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وإِن لَم يَكُنْ سَمِعَ مِنَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فهو مُرسَلٌ، ولَسنا ولا إيّاكَ نُثبِتُ المُرسَلَ، وقَد عَلِمتُ سَهلًا صَحِبَ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - وسَمِعَ مِنه، وساقَ الحديثَ سياقًا لا يُشبِهُ إلا الإثباتَ فأخَذتُ به لما وصَفتُ. قال: فما مَنَعَكَ أن تأخُذَ بحَديثِ ابنِ شِهابٍ؟ قُلتُ: مُرسَلٌ، والقَتيلُ أنصارِيٌّ، والأنصاريّونَ بالعِنايَةِ أولَى بالعِلمِ به مِن غَيرِهِم إذا كان كُلٌّ ثِقَةً، وكُلٌّ عِندَنا بنِعمَةِ اللهِ ثِقَةٌ (١).

قال الشيخُ رَحِمَه اللهُ: وكأنَّه عَنَى بحَديثِ ابنِ شِهابٍ الزُّهرِيِّ الحديثَ الَّذِي:

١٦٥٢٠ - أخبرَناه أبو عليٍّ الرُّوذْباريُّ، أخبرَنا أبو بكرِ بن داسَةَ، حدثنا أبو داودَ، حدثنا الحَسَنُ بن عليٍّ، حدثنا عبدُ الرَّزّاق، أخبرَنا مَعمَرٌ، عن الزُّهرِيِّ، عن أبي سلمةَ بنِ عبد الرَّحمَنِ وسُلَيمانَ بنِ يَسارٍ، عن رِجالٍ مِنَ الأنصار، أن النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال ليَهودَ وبَدأ بهِم: "يَحلِفُ مِنكُم خَمسونَ رَجُلًا؟ ". فأبَوا، فقالَ لِلأنصارِ: استَحِقّوا. فقالوا: نَحلِفُ على الغَيبِ يا رسولَ اللهِ؟! فجَعَلَها رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - على يَهودَ؛ لأنَّه وُجِدَ بَينَ أظهُرِهِم (٢). وهَذا مُرسَلٌ بتَركِ تَسميَةِ الَّذينَ حَدَّثوهُما، وهو يُخالِفُ الحديثَ المُتَّصِلَ في البِدايَةِ بالقَسامَةِ وفِي إعطاءِ الدّيَة، والثّابِتُ عن النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أنَّه ودَاه مِن عِندِه.

وقَد خالَفَه ابنُ جُرَيجٍ وغَيرُه في لَفظِهِ:


(١) المصنف في المعرفة (٤٩٧٨).
(٢) أبو داود (٤٥٢٦)، وعبد الرزاق (١٨٢٥٢).