للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ونُبِذوا في الشَّمسِ حَتَّى ماتوا. قُلتُ: وأيُّ شَئٍ أشَدُّ ممّا صنَعَ هَؤُلاءِ؟! ارتَدّوا عن الإسلامِ وقَتَلوا وسَرَقوا. فقالَ عَنبَسَةُ بن سعيدٍ: واللهِ إنْ سَمِعتُ كاليَومِ قَطُّ. فقُلتُ: أتَرُدُّ عليَّ حَديثِي يا عَنبَسَةُ؟ فقالَ: لا، ولَكِن جِئتَ بالحَديثِ على وجهِهِ، واللهِ لا يَزالُ هذا الجُندُ بخَيرٍ ما عاشَ هذا الشيخُ بَينَ أظهُرِهِم.

قُلتُ: وقَد كان في هذا سُنَّةٌ مِن رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - دَخَلَ عَلَيه نَفَرٌ مِنَ الأنصارِ فتَحَدَّثوا عِندَه، فخَرَجَ رَجُلٌ مِنهُم بَينَ أيديهِم فقُتِلَ، فخَرَجوا بَعدَه فإِذا هُم بصاحِبِهِم (١) يَتَشَحَّطُ في الدَّم، فرَجَعوا إلَى رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: يا رسولَ الله، صاحِبُنا كان يَتَحَدَّثُ معنا، فخَرَجَ بَينَ أيدينا، فإِذا نَحنُ به يَتَشَحَّطُ في الدَّمِ. فخَرَجَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فقالَ: "بمَن تَظُنّونَ؟ أو: مَن تُرَونَ قَتَلَه؟ ". قالوا: نَرَى أن اليَهودَ قَتَلَته. فأرسَلَ إلَى اليَهودِ فدَعاهُم فقالَ: "أنتُم قَتلتُم هذا؟ " قالوا: لا. قال: "أتَرضَونَ نَفْلَ (٢) خَمسينَ مِنَ اليَهودِ ما قَتَلوه؟ ". فقالوا: ما يُبالونَ أن يَقتُلونا أجمَعينَ ثُمَّ يَنفِلونَ. قال: "أفَتَستَحِقّونَ الدّيَةَ بأيمانِ خَمسينَ مِنكُم؟ ". قالوا: ما كُنّا لِنَحلِفَ. فوَدَاه مِن عِندِهِ.

قُلتُ: وقَد كانَت هُذَيلٌ خَلَعوا خَليعًا لَهُم في الجاهِليَّة، فطَرَقَ (٣) أهلَ


(١) في الأصل، ص ٨: "بصاحبه". وضبب عيها في الأصل وكتب في الحاشية: "بصاحبهم ح".
(٢) النفل: اليمين، وسميت القسامة نفلا لأن الدم ينفل بها، أي: ينفى. مشارق الأنوار ٢/ ٢.
(٣) ضبطت في البخاري بفح الطاء والراء وكذا في الأصل بفتح الراء، وقال ابن حجر: بضم الطاء، أي: هجم عليهم ليلًا في خفية ليسرق منهم. فتح الباري ١٢/ ٢٤٢.