للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الصَّلاةَ جامِعَةً. قال: فانتَهَيتُ إلَيه وهو يَخطُبُ النّاسَ ويَقولُ: "أيُّها النّاسُ، إنَّه لَم يَكُنْ نَبِيٌّ قَبلِي إلّا كان حَقًّا عَلَيه أن يَدُلَّ أُمَّتَه على ما يَعلَمُه خَيرًا لَهُم، ويُنذِرَهُم (١) ما يَعلَمُه شَرًّا لَهُم، أَلَا وإِنَّ عافيَةَ هذه الأُمَّةِ في أوَّلِها، وسَيُصيبُ آخِرَها بَلاءٌ وفِتَنٌ يُدَفِّقُ (٢) بَعضُها بَعضًا، تَجِيءُ الفِتَنُ فيَقولُ المُؤمِنُ: هذه مُهلِكَتِي. ثُمَّ تَنكَشِفُ، ثُمَّ تَجِيءُ فيَقولُ: هذه هَذِه. ثُمَّ تَجِيءُ فيقولُ: هذه هَذِه. ثُمَّ تَنكَشِفُ، فمَن أحَبَّ أن يُزَحزَحَ عن النّارِ ويُدْخَلَ الجَنَّةَ فَلْتُدْرِكْه مَنيَّتُه وهو يؤمِنُ باللَّهِ واليَومِ الآخِر، ويأْتِي إلَى النّاسِ ما يُحِبُّ أن يُؤتَى إلَيه، ومَن بايَعَ إمامًا فأعطاه صَفقَةَ يَدِه وثَمَرَةَ قَلبِه فَلْيُطِعْه إنِ استَطاعَ - وقالَ مَرَّةً: ما استَطاعَ". أظُنُّه قالَ: "فإِن جاءَ أحَدٌ يُنازِعُه فاضرِبوا عُنُقَ الآخَرِ". فلَمّا سَمِعتُها أدخَلتُ رأسِي بَينِ رَجُلَينِ فقُلتُ: إنَّ ابنَ عَمِّكَ مُعاويَةَ يأْمُرُنا أن نَقتُلَ أنفُسَنا، وأن نأْكُلَ أموالَنا بَينَنا بالباطِل، واللَّهُ عَزَّ وجَلَّ يقولُ: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ} [النساء: ٢٩]، {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} [البقرة: ١٨٨]. قال: فوَضَعَ جُمْعَه (٣) على جَبهَتِه، ثُمَّ نَكَسَ، ثُمَّ رَفَعَ رأسَه فقالَ: أطِعْه في طاعَةِ اللَّه، واعصِه في مَعصيَةِ اللَّهِ. قُلتُ: أنتَ سَمِعتَ هذا مِن رسولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟: قال: نَعَم، سَمِعَته أُذُنايَ ووَعاه قَلبِي (٤). لَفَظُ حَديثِ


(١) بعده في ص ٨: "على".
(٢) في حاشية الأصل: "يرفق". وقد رويت هذه اللفظة بهاتين الروايتين - كما رويت: يدقق. ويدفق: يدفع ويصب. ينظر صحيح مسلم بشرح النووي ١٢/ ٢٣٣.
(٣) الجُمْع: أي جُمْع الكف، وهو أن يجمع الأصابع ويضمها. النهاية ١/ ٢٩٦.
(٤) أحمد (٦٧٩٣). وأخرجه ابن ماجة (٣٩٥٦) من طريق وكيع به. وأبو داود (٤٢٤٨)، والنسائي (٤٢٠٢)، وابن حبان (٥٩٦١) من طريق الأعمش به.