للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

في بَيتِ المِدْراسِ حينَ قَدِمَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - المَدينَةَ وقَد زَنَى مِنهُم رَجُلٌ بعدَ إحصانِه بامرأةٍ مِنَ اليَهودِ قَد أُحصِنَت، فقالَ: انطَلِقوا بهَذا الرَّجُلِ وبِهَذِه المَرأةِ إلَى محمدٍ فسَلوه: كيفَ الحُكمُ فيهِما؟ ووَلُّوه الحُكمَ عَلَيهِما، فإِن عَمِلَ بعَمَلِكُم فيهِما مِنَ التَّجبيَهِ - وهو الجَلدُ بحَبلٍ مِن ليفٍ مَطلِيٍّ بقارٍ، ثُمَّ يُسَوَّدُ وُجوهُهُما، ثُمَّ يُحمَلانِ على حِمارَين، وتُحَوَّلُ وُجوهُهُما مِن قُبُلٍ إلَى دُبُرِ الحِمارِ - فاتَّبِعوه وصَدِّقوه؛ فإِنَّما هو مَلِكٌ، وإِن هو حَكَمَ فيهِما بالرَّجمِ فاحذَروا على ما في أيدِيكُم أن يَسلِبَكُموه. فأتَوه فقالوا: يا محمدُ، هذا الرَّجُلُ قَد زَنَى بعدَ إحصانِه بامرأةٍ قَد أُحصِنَت، فاحكُمْ فيهِما؛ فقَد ولَّيناكَ الحُكمَ فيهِما. فمَشَى رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى أتَى أحبارَهُم في بَيتِ المِدْراسِ فقالَ: "يا مَعشَرَ يَهودَ، أخرِجوا إلَيَّ أعلَمَكُم". فأخرَجوا له (١) عبدَ اللهِ بنَ صُورِيّا الأعوَرَ، وقَد رَوَى بَعضُ بَنِي قُرَيظَةَ أنَّهُم أخرَجوا إلَيه يَومَئذٍ مَعَ ابنِ صورِيّا أبا ياسِرِ بنَ أخطَبَ ووَهبَ بنَ يَهوذَا فقالوا: هَؤُلاءِ عُلَماؤُنا. فقالَ لَهُم رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - حينَ خَطِلَ (٢) أمرُهُم، إلَى أن قالوا لابنِ صُورِيا: هذا أعلمُ مَن بَقِيَ بالتَّوراةِ. فخَلا به رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وكانَ غُلامًا شابًّا مِن أحدَثِهِم سِنًّا، فألَظَّ (٣) به المَسألَةَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يقولُ له: "يا ابنَ صُورِيا، أنشُدُكَ اللهَ وأُذَكِّرُكَ أيامَه عِندَ بَنِي إسرائيلَ، هَل تَعلَمُ أن اللهَ حَكَمَ فيمَن زَنَى بعدَ إحصانِه بالرَّجمِ في التَّوراةِ؟ ". فقالَ: اللَّهمَّ نَعَم، أما واللهِ يا أبا القاسِمِ إنَّهُم لَيَعرِفونَ أنَّكَ نَبِيٌّ


(١) في م: "إليه".
(٢) الخطل: المنطق الفاسد. النهاية ٢/ ٥٠.
(٣) ألظ: أي ألَحَّ. النهاية ٤/ ٢٥٢.