للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

كالأسير في يدهم، وهم أرباب الشوكة، ومالكوا (١) القلعة، وإليهم الأمر، وما تحرّك بحركة، ولا أبدى ولا أعاد، إذ هو وخشداشيه في قبضتهم.

ثم قوي أمر حزب خيربك خارج القصر، وما بقي إلّا الهجوم على السلطان، وكانوا لم يدّرعوا (٢) إلى وقتهم هذا لاشتغالهم بدفع التعارض، إلى أن غلبوا. ولما عظُم الأمر بدروا بالتفرُّق إلى طباقهم للإدّراع، وكانوا قد هيّأوا آلة الحرب من دروعهم وأسلحتهم، فلم تكن إلّا ساعة وقد لبسوا كلّهم، وتهيّأوا بلامة الحرب، ثم أعلنوا بالخروج على السلطان عائدين إلى جهة القصر، وهم في قوّة زائدة وشوكة حافلة هائلة، ولهم شأن وأمر مهول، وشرع البعض منهم في إحضار الخليفة، وآخرون (٣) في نهب الحريم السلطاني، وهجموا على الدُور السلطانية، وفعلوا في ليلتهم هذه في تلك الساعة بالحريم أفعالًا لا تفعلها الخوارج، من النهب والسلْب والإفساد والفسق، مما لا يكاد أن يُعبَّر عنه، وأخافوا من بالقلعة. كل ذلك والسلطان مقيم بالخرجة. ثم لما عاين عِظَم الأمر وكِبَر الهول الفظيع (٤) وتحقّق وجزم بأن قصدهم وإرادتهم الفتك به، بدأ بأن أمر بغلق باب الخرجة عليه. ولعلّ لم يتم ذلك حتى قصدوه قبل وصولهم إلى الباب مع تمام غلقه. ولما أبصروه مغلقاً عليه طرقوه، وسألوا فتحه، فلم يفتحه لهم، فتكاثروا عليه وصدموه صدمة، ولا زالوا به حتى كسروه على السلطان، ثم دخلوا عليه هجمًا، وقالوا له: نريد إخراج هؤلاء من عندك. وأشاروا إلى من كان عنده من الأمراء ممن حضر لأجل الموكب، فقال لهم: إنهم خُشداشيّ، وما لكم ولإخراجهم، وما القصد من ذلك؟

فقالوا: لا بدّ من ذلك.

ثم أخرجوهم وكانوا نحوًا من عشرة أنفار، وهم: تمر حاجب الحجّاب، وبرقوق شادّ الشراب خاناه، إذ ذاك، وبَرسْباي قَرا وهو الخازندار إذ ذاك، وتغري بردي نائب القلعة، وقانباي الساقي الحاجب الثاني بعد ذلك، وأُزبك اليوسُفي المعروف بناظر الخاص، وقانِباي قَراسقل، وجانبك من طَطَخ، وقَجْماس، واثنان آخران أظنّهما، لكنّني لم يحضرني اسماهما (٥). فلما أخرجوهم بقي السلطان في جماعة يسيرة من مماليكه وأصحابه، ثم بعد لحظة يسيرة دخل على السلطان ثلاثة نفر ملبّسين، وهم ملثّمون لا تظهر إلّا أعينهم، فقالوا للسلطان: قم.


(١) في الأصل: "ومالكوا".
(٢) في الأصل: "يدرعو".
(٣) في الأصل: "وآخرين".
(٤) في الأصل: "الفضيع".
(٥) في الأصل: "اسميهما".

<<  <  ج: ص:  >  >>