للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

زائدة، مع توكّل عظيم، بحيث عُدّ ذلك من العذر، ولعلّ بدايته كانت من حيث التمكن كنهاية كثير من السلاطين، وعُدّ ذلك من نوادره. ولم تتفق نفقة السلطنة.

ومن نوادره أيضًا أنه كتب إليه ثلاثة (١) من سلاطين مصر يخاطبونه بمولانا السلطان، بعد أن كتبوا إليه عن أنفسهم: المملوك وهم: المؤيَّد أحمد بن إينال، والظاهر يلباي، والظاهر تمربُغا، ولم يقع ذلك لغيره من الملوك والسلاطين.

وأمّا اسمه فهو من نوادر الأسماء في هذه الطائفة، لعلّه لم يتَسَمَّ به أحد قبله.

وكثُرت في أيامه الفِتَن، لا سيما بالبلاد الشامية، وهي باقية إلى يومنا هذا، وجهّز التجاريد متكرّرة إلى شاه سوار القائم بالأَبُلُسْتَين، وغرم الأموال الطائلة في جرّته، وفنيت في أيامه الكثير من العساكر وأعيان أكابر الأمراء المصريين، على ما سنذكر ذلك، وآل الأمر أن قُبض على سوار بعد ذلك، وأحضر إلى القاهرة، وكُلّب بحلَق بباب زُوَيلة، ومعه آخرون (٢) من إخوته، ووُسّط جماعة من أمرائه، ثم أُرجف في أيامه بتحرّك ابن (٣) عثمان ملك الروم، السلطان محمد بن تمراز (٤) غير ما مرة، واحتاط هو من ذلك غاية الاحتياط، وراعى الحزم، فأمر بشدّ الثغور وعمارة الأبراج وتحصين الكثير من السواحل، وأنشأ البرج العظيم الهائل بمينا الثغر السكندري بمكان المنار، وحصل به النفع في دفع العدوّ، وعمل السلسلة بثغر دمياط.

ثم مات ابن (٥) عثمان ولم ينل هذه المملكة منه السوء بعد أن أشيع عنه قصْدها، وما اتفق له ذلك. وكذا حسن الطويل، وجهان شاه، وأكثر هذه الأشياء هي الأسباب الداعية إلى سيرة هذا السلطان في الأموال وجمعها حزمًا منه، واجتهد في تحصيل ذلك غاية الاجتهاد، حتى كادت أن تُفتح له كنوز الأرض، بل فُتحت له، لكنّه ضيّق على كثيرمن العباد في معاشهم. بل ومعادهم، واقتنى الكثير من المماليك الجياد، وأغلاق عليهم بالعطايا والأرزاق والأسلحة والعُدد والأمتعة.

ويقال: إن عدّة مماليكه بلغت خمسة آلاف فما فوقها، ولعلّ ذلك إن صحّ لم يقع لغيره من ملوك الجراكسة والتُرك، من يوم سلطنة برقوق وإلى الآن، هذا، مع ما هو فيه من الاجتهاد التامّ في أمرهم من تعليمهم أولًا القرآن، والخط،


(١) في الأصل: "ثلاث".
(٢) في الأصل: "آخرين".
(٣) في الأصل: "بن".
(٤) مهملة في الأصل.
(٥) في الأصل: "بن".

<<  <  ج: ص:  >  >>