للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

صومها، وكثرة النوافل، والصلاة والتهجّد بذلك في جوف الليل، وتلاوة القرآن وسماعه، ومحبّته الأذكار والأوراد، بل واخترع أذكارًا جمعها، وهي مشهورة، اعتنى (١) بها الكثير من الناس واستعملوها، يقال: بنَغَم طيّب غريب يُستَلَذّ ويُذكر عنه أنه يغضّ من طائفة الفقهاء، فإن صحّ ذلك فلعلّه بعض من هؤلاء الذين عُرفوا بهذا الاسم في زمننا هذا، وهو فيهم يعذره، حيث غلب عليهم بالأخير في ذكره، مما يعرفه كل أحدٍ عنهم، وهو أكثر الناس معرفة بأحوالهم، على أنه أنصف الكثير ممن سُمّي بهذا الإسلام من أهل الخير والدين.

ومن محاسنه حلمه مع حدّة مزاجه.

ومن محاسنه أيضًا لتواضع الزائد مع من يستحق ذلك، وانبساطه إليه وتقريبه ومكالمته ومحادثته، بحيث لم يقع ذلك لمن قبله من السلاطين. كل ذلك مع شهامته، وعُلوّ همّته.

ومن محاسنه عفّته عن الأنفُس وسفك الدماء.

ومن عُلُوّ همّته في سلطنته اقتناء الكثير من الأشياء الحسنة، ما بين خيول حِسان تكاد أن لا تُحصر عدًّا، وكذا البغال والجمال والهُجُن، وآلات السلاح واحتياج الملوك، ولو وصفنا تفاصيل ذلك لاحتجنا له عدّة مجلّدات.

وله ميل للعلم والفضائل، ويستحضر أشياء كثيرة، ويشارك في أشياء، مع فصاحة، وذكاء، وفطنة، وفَهم، وتيقّظ دائم، وجودة طبيعة، ويحبّ الجمال في سائر شؤونه (٢) وشؤون (٣) جماعته وأرباب دولته في سائر أحوالهم وأمورهم.

وأمّا شجاعته وإقدامه وفروسيّته، ومعرفته بأنواع الأنداب والآداب والتعاليم بتمامها وكمالها، ما بين رُمح، ورمي سهام، وضرب سيف وبرجاس (٤)، وسَوق خيل، إلى غير ذلك من سائر أنواع الفروسية شيء لا يكاد أن يُضبط، ولا يُصدّق قائله لو بثّه عنه.

وأمّا جلادته واحتماله للمشاقّ، وتعبّره وثباته على الخيل في أسفاره، فشيء يُعجز الفرسان والكثير من جَلَدة الشبّان عنه، وكذا أصحاب القوى والجأش، حتى سمعت عنه في ذلك ما لا يكاد أن يكون في طاقة البشر.

وأمّا ما له من الأبنية والآثار العظيمة الهائلة الحافلة، فشيء يكاد أن لا يُحدّ ولا يُضبط بعد.


(١) في الأصل: "اعتنا".
(٢) في الأصل: "شونه".
(٣) في الأصل: "شون".
(٤) تقديم التعريف به.

<<  <  ج: ص:  >  >>