للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ودام ذلك أيامًا والفَعَلَة تأخذ منه الأجرة والطواشية أيضًا يأخذون ما جرت به عوائدهم في مقابل ذلك، وبلغ الناس ذلك، فهرع الكثير منهم إليه يُظهرون السلام عليه، وأكثرهم به شامت لما عندهم منه من الكمائن، وصار هو يُظهر أن ذلك ليس من تغيّظ السلطان عليه وإنّما هو لما نُقل إليه من أن البناء قد دُخل به إلى البركة، وأن السلطان أراد بذلك المصلحة له بقطع ألسِنة الناس عنه، وأنه بعث إليه بالاعتذار عن ذلك، ونحو ذلك من كلامٍ ساقط الاعتبار، مُؤذِنٍ بالفشار. وكان السلطان قد تحقق ما هو عليه من الشرور والفجور، والمصائب والمعايب والمثالب، وقلّة الدين، واتّهامه على ما يقال بأشياء كثيرة، منها مَيله إلى المُرد والعبيد الحبش وغير ذلك. ثم زاد بغيره عليه لما بلغه عنه من أمور مهولة ظهرت له بعد نكبته إيّاه، مما لا يمكن شرح ذلك، من ذلك إدخاله بنفسه فيما لا يعنيه، بل ربّما ذكر بالممالأة على السلطان، وأنه في حين سفره للشام ووعكه في تلك البلاد تكلّم بكلمات نُقلت للسلطان فيمن يؤول (١) إليه المُلْك، بل ربّما نقل له عنه أنه قال والسلطان متمرّض في المحفّة ما بين دمشق وحماة أو نحوها: أَسرِعوا به لئلّا يموت في الطريق، فنُقتل عن آخرنا، وبقي يحرّض الخاصكية في الحثّ على السير، ويداخلهم في أمور كثيرة تتعلّق بما بعد موت السلطان على تقدير موته، هذا كلّه بعد إحسان السلطان إليه وتقديمه له، وتنويهه به بعد خموله وعدم شهرته، بل ووضاعته بين الناس، بحيث لم يذكر قبل سلطنة أستاذه ولا في عداد الطلبة، فضلًا عن المشايخ.

نعم كان له ذكر بأحواز الصليبة وجامع ابن (٢) طولون في عداد المؤذّنين، بل والمنغّمين بأكرية وفيرة، وأنعم عليه بدارٍ شراها له، وهي التي زاد فيها الزيادة لما وُلّي بعد شرائها، ثم هدم ذلك بَطَرًا، وزاد الثانية التي أمر السلطان بهدمها، ثم أعطاه مبلغ ألف دينار في وقت ليجهّز ابنته، ثم صحبه معه حين حج، وقرّبه وأدناه، ورقّاه إلى الوظائف السنيّة، فمشيخة الأشرفية وقراءة الحديث بالقلعة، وكثير من الوظائف الماضي ذكرها.

واقتنى الجواري البيض والحبش والسود والعبيد، والحشم والخدم، والخيول المسوَّمة، والأقمشة الكثيرة الهائلة، وتزوّج بثلاثٍ من النسوة غير السراري، ووصلت مرتباته من الإمامة والجوالي، وتعلّق نظر الكِسوة والمسموح على المكْس، ومتحصّل وظائفه زيادة على العشرة (٣) دنانير في اليوم على ما أشيع ذلك


(١) في الأصل: "يول".
(٢) في الأصل: "بن".
(٣) في الأصل: "العشر".

<<  <  ج: ص:  >  >>