للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أظنّ، ودام على هذه الوظيفة بباب القُلّة مدّة سنين في عدّة دول، إلى أن تسلطن الأشرف قايتباي، فأخرجه في نوبة سوار الماضي ذِكرها، وأراد بذلك إبعاده لحدّة مزاجه وشراسة أخلاقه، حتى لم يحتمله السلطان.

ويقال إنه كان السبب الأعظم للعسكر في دخولهم المضيق الذي كان أعظم الأسباب في هلاكهم. وذُكر أن الأتابك جانبك قُلقسيز لما تبع عسكر التركمان على ما قدّمناه، ووصل إلى هذا المضيق، استشار من معه في دخوله، فبَدَرَ أسنَبُغا هذا من دون الناس كلهم بأن قال ما معناه: ما الذي جرى علينا ولنا حتى لا ندخل؟ وتكلّم بكلمات كثيرة كانت أقرب الأسباب الداعية إلى دخول العسكر لذلك المضيق، لفراغ أجله المسكين.

وكان إنسانًا متهوّرًا، كثير الخباط، حادّ المزاج، غير محمود السيرة، وكان به فتْق عظيم (١) في حالبه، ومع ذلك فكان جبّارًا عنيدًا، وشيطانًا مَريدًا، كثير الإسراف على نفسه، كثير الحَلَف بالطلاق، حتى كان يُلمز بأنه مع زوجته في الحرام، وكان يعاب بذلك جدًّا، لكونه خالف عادة أبناء جنسه في ذلك.

توفي قتيلًا في الوقعة في ذي القعدة شرّ قتْلة، وكان له من العمر نحو الثمانين سنة (٢).

ووُلّي نيابة باب القُلّة بعده سُنقُر الأشرفي إينال (٣)، وهو بها الآن إنسان لا بأس به فيما أُخبرت.

٣٩١ - أُلْماس الأشرفي (٤) أتابك حلب.

كان من صغار مماليك الأشرف برسباي، وصُيِّر من الخاصكية بعده، ثم تنقّلت به الأحوال بعد ذلك في عدّة ولايات بالبلاد الشامية، وخصوصًا بحلب، وآل به الأمر أن وُلّي أتابكيّتها، ودام بها حتى خرج في نوبة سوار مع العسكر الحلبي، في أول الخرجات إليه.

وتوفي قتيلًا في أوائل ربيع الأولى، وقد جاوز الخمسين سنة.

وكان حسن السمت والملتقى، والشكل والهيئة، والسيرة، خيّرًا، ديّنًا، مشهورًا بالشجاعة.


(١) في الأصل: "فتقًا عظيمًا".
(٢) كتب فوقها: "له".
(٣) لم أجد له ترجمة.
(٤) انظر عن (ألماس الأشرفي) في: الضوء اللامع ٢/ ٣٢١ رقم ١٠٣٦، ونيل الأمل ٦/ ٢٨٤ رقم ٢٧٠١، والمجمع المفنّن ١/ ١١٢، ١١٣ رقم ٧٩٧، وبدائع الزهور ٢/ ٤٦٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>