للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وكان يُبدي حَيْرته عندما يسمع بتعيين أحدهم في موقع، ولا يعرف شيئًا عنه، فهو بعد أن أورد ترجمة "جانِبَك التاجي المؤيَّدي" (١) الذي وُلّي بيروت قال: إنه بقي متحيّرًا لا يعرف من هو كي يصل إلى هذا المنصب الجليل نيابة حلب، ولم يعرف هل وقع اسمه على مُسمّاه، مع معرفته بكثير من الأتراك وتفتيشه على تراجمهم كبارًا وصغارًا، وما عرفه في الصغار وهذا دليل على وضاعة قدْره قبل ذلك (٢).

وعندما ذكر قضيّة "القُطب العراقي" وحضوره من مصر إلى تونس وما جرى بينه وبين السيد الشريف البغدادي في شهر ربيع الآخر سنة ٨٦٦ هـ. ذكر عنه خبرًا حصل في سنة ٨٨٨ هـ. وفي آخره كتب يقول إنه ذكر القضية هنا "وهي وقعت في أزمنة مختلفة وتواريخ عدّة لتكون قصّته منتظمة مع بعضها، ولْيَحذر الناس منه -أي القُطب العراقي -لأنه كان لا يزال موجودًا" (٣).

وقد أشاد بعهد السلطان "الأشرف بَرْسْباي" إشادةً بالغة ووصفه بأنه كان أضخم مَن مَلَكَ من الجراكسة وأجلّ الملوك، وأيّامه كانت من غُرَر الأيام "على ما حُكي لنا ورأينا في التواريخ". ولما دخل الإسكندرية قبل رحلته المغربية رأى فيها "العزيز يوسف بن برسباي" فامتدحه وأشاد بكرمه وشهامته، وقال عنه: "إنه باستطاعته أن يُنشد ما يُتصوّر من المواليا مدّة ثلاثة أيام وأكثر" (٤).

وفي مقابل هذا كتب ينتقد السلطان "خُشقدم" في طمعه وجشعه، فهو بعد ذِكره خبر تقرير نيابة الكرَك، وحجوبيّة الحجّاب بدمشق ودواداريّة السلطان بها، وأتابكية طرابلس وتقدمة بها، في شهر محرّم سنة ٨٦٩ هـ. كتب يقول: "ذكر بعض المؤرّخين أن جملة ما حصل للسلطان من المال في هذه التنقّلات نحو الخمسة وثلاثين ألف دينار. فلا حول ولا قوّة إلّا بالله العليّ العظيم، ما شاء الله كان. انظر إلى شَرَه هذا السلطان ولا عليه من كسْر الناموس، فقَلّ إنصافه وكثُر طمعه وجَمْعُه للمال من أيّ وجهٍ كان، وبالله المستعان، ومع ذلك فقد بُكي بعده على زمانه، وأقول كما قيل:

قالت الضِفدع قولًا … فهِمَتْه الحكماء

في فمي ماء وهل ينـ … ــــــــــطق من في فيه ماء؟ (٥)

وفي ثنايا الأخبار يمرّر بعض الحقائق ذات المدلولات التاريخية المهمّة، فهو


(١) الروض الباسم، ٢/ رقم ٢٢٠.
(٢) الروض الباسم، ٢/ ٨٣ ب.
(٣) الروض الباسم، ٢/ ٤٨ ب - ٥١ أ، رقم ١٧٦.
(٤) الروض الباسم، ٢/ ٩٠ ب، رقم ٢٥١.
(٥) الروض الباسم، ٣/ ٩٢ ب.

<<  <  ج: ص:  >  >>