للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يؤكّد على أن عملية إعدام المجرمين وإجراء القَصاص بهم كانت تُوكَل إلى شخص يهوديّ ليقوم بقطع رأس المحكوم عليه بالساطور، وهذا ما حصل مع سارق الدجاجة في المركب الذي كان على متنه المؤلّف، بين رودس وتونس سنة ٨٦٦ هـ. بموجب أمرٍ من القُبطان الفرنجي، وما حصل مع العبد والأَمَة اللذَين قتلا امرأة في طرابلس الغرب بغير حق، مشيرًا إلى أن ما يجري في المغرب هو "بخلاف ما يجري على يد مَن يُسمَّى بالمشاعلي في مصر" (١).

وحين ذكر خبر استقرار "أحمد بن العَيني" في مقدَّمية الألوف بمصر، في شهر رمضان سنة ٨٦٩ هـ. قال: هو أول ولدِ فِقْه يُقدَّم في مصر، وعدّ ذلك من النوادر، بل أول من تخلّق بأخلاق الفقهاء تقدّم بمصر، أو من الصوفية، فإنه كان من صوفية الأشرفيّة البَرسْبائيّة، وبيده غير ذلك من وظائف الفقهاء. وأضاف إنه وُلّي الأميراخورية الكبرى، ثم إمرة مجلس، بل وترسّخ لإمرة سلاح، بل وللسلطنة بعد موت خُشقدم (٢).

ويتابع المؤلّف -رحمه الله- أسلوبه في النقد اللاذع، ولا يوفّر السلاطين إذا أخطأوا، ويتجلّى ذلك واضحًا في ترجمة "محمد بن عبد الله البَبَائي القاهري" (٣) الذي لا يُعرف له أب، وكان صبيًّا لبعض الطبّاخين، وصار وزيرًا، فقال ما نصُّه: "وهو أول زَفُوري وُلّي الوزارة فيما نعلم، وعُدّت ولايته من قبائح أفعال الظاهر خُشقدم، لرفعه مثل هذا الخسيس الوضيع إلى مثل هذا المنصب السامي الموضع، وإن كان قد بُهدل من أوائل هذا القرن، أعني الثامن، لكنْ بهدلة بحيث تصل إلى هذا الحدّ في القبح والشناعة وقلّة الحياء والمروءة، فلا. ولقد عمّت المصيبة بعد البَبَائي هذا بولاية من هو أخسّ منه وأدوَن وضاعة فلا حول ولا قوّة إلّا بالله".

وحين أورد خبر نيابة "قانباي الحَسَني" بطرابلسَ الشام في شهر ذي القعدة سنة ٨٧٠ هـ. وكان أحد الأمراء الطبلخاناه بالقاهرة، ونُقل إلى منصب نيابة طرابلس دفعة واحدة من غير تقدّم ولا ترشّح ولا أهليّة، وعُدّ ذلك من النوادر، علّق المؤلف -رحمه الله- على ذلك بقوله: "وأُعيب على الظاهر خُشقَدم هذه الفعلة لعِظَم جلالة هذه الوظيفة، لأنه لم يُعهَد قطّ في دولة من الدول أنْ وُلّي طرابُلُسَ إلّا مقدّمين (كذا) الألوف بمصر، مع الوظائف الجليلة كالأتابكية، كما في طرابلس، ووُلّيها أيضًا من وُلّي إمرة مجلس، ومن وُلّي الأميراخورية الكبرى، ومن وُلّي


(١) الروض الباسم، ٢/ ٥٥ أ.
(٢) الروض الباسم، ٣/ ٩٧ ب.
(٣) الروض الباسم، ٣/ ١٠٦ ب، ١٠٧ أ، رقم ٢٨١.

<<  <  ج: ص:  >  >>