للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أستاذه جقمق الظاهر له نصيب في هذه الجزية. ومن وجد باسمه جامكية زيادة، وهي مُشتراة بحكم النزول على ما كانت عادتهم قبل هذا السلطان، فنظر إن كانت ألفين ولا جامكية له غيرها، أبقاها معه على الشرط الذي تقدّم في جذب القوس، فلا نعيده. وإن كانت زيادة على ما بيده، قبلها، أمره بالرجوع بما دفعه ممن نزل له عن ذلك، وكذا من تعوّض بجامكية إقطاعاً فعل معه مثل هذه الفعلة. ولم يزل يفعل هذا في الجامكية حتى انتهت، وقطع من الخلق ما شاء اللَّه أن يقطع من سائر الأجناس. ثم نظر في العليق فأبقى لغير الخاصكي ثلاث علائق، وقطع ما زاد، وللخاصكيّ خمس (١) وقطع الزائد، وكذا مرتب اللحم يقُطع لغير الخاصكي ما زاد على الزيدية ويُبقيها، وكان المرتّب في اللحم أيضاً قد زاد جدّاً، حتى خرج عن الحدّ، حتى صار الشخص الواحد الذي لا يعبأ اللَّه تعالى به، ولا حاجة للمسلمين والإسلام به، بل وفي وجوده المضرّة على نفسه وبيت المال، وعلى الكثير من عباد اللَّه يأخذ خمس (٢) زبادي لحم، وسبعة وثمانية ( … ... ) (٣) عشر، بل وأَزْيَد من ذلك. والزبدية عبارة عن ثلاثة أرطال من اللحم ( … ) (٤) قطعة نفياً للضرر عن بيت المال، وإن كان قصد السلطان غير ذلك كما نكث في القبض عليه في ذلك، ومع هذا فلقد فعل فعلاً يُحمد، وأصاب وأجاد، وعن الحق ما حاد. إذ أن هذه المرتّبات قد أغنت الكثير من الناس، وأطغت الكثير، وأعانتهم على أنواع من الفسق والفساد، ويا ليتهم كانوا ممن يُنتَفع بهم في دين أو دنيا حتى الكثير من الناس والشام والعجائز والعوام والأوباش لهم راتب اللحم، بل والجامكية، فقطع ذلك كله، لكنْ حصل بسبب التفتيش على هؤلاء الضرر على بعضٍ من الذين يستحقّون ذلك وزيادة، وقطع ما كان لهم سواه للزرّيعة على ما زرعوا، أو إجراء الكل على منْوالٍ واحد، فأخذ الصالح بالطالح.

ومن العجائب أنه كان الكثير من الجوامك ومرتّبات اللحم والعليق ما شاء من جماعة من تعساء ما بين أولاد ناس، ومن تجار ومتعمّمين وعوامّ ونساء وعجائز وجواري، حتى بعض النصارى. ودام السلطان في هذا اليوم على هذا المهْيَع، حتى انتهى من طبقة الرَفْرف، ثم دام على ذلك أيام الجوامك، حتى فرغ من الكل، فسُرّ بذلك الوزير (٥) والأستادّار، لا سيما وقد كانت الوزراء والأستادّارية فيما مضى من الزمان قد أبيدوا بواسطة هذه المرتّبات، وأعجزوا، وكلّوا حتى كانوا


(١) في الأصل: "خمسة".
(٢) في الأصل: "خمسة".
(٣) كلمتان مطموستان.
(٤) كلمة مطموسة.
(٥) في الأصل: "الدرند".

<<  <  ج: ص:  >  >>