للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

هذا قاصدًا تبريز من طريق وسَطي، وهو جازم لا يشكّ في أنه يملكها، وكانت خزائنه بالأموال الطائلة. ورآه يبعد عنه بأيام على عادتهم في ذلك، ولما توغّل البلاد وقع القحط في عساكره، وبلغ حسن ذلك، فتنبّه له وأعمل فِكره في أخذه، حتى تم له ذلك على ما ستعرفه، وخصوصًا لما بعث بو سعيد بأمّه لحسن للتلطّف به، فأذكره ذلك حَدَس بأنه في جهدٍ وغلبة، فتنبّه لأخذه، وأعمل الحيلة في ذلك، ولذلك خبر يطول، وفيه زيادة ونقص، ولم أحرّره كما ينبغي، فلهذا لم أسطره، ولكن الذي تجدّد لي من هذه الكائنة، أن حسن لما بلغه ما فيه عسكر بو سعيد من جهة القحط، واشتغالهم بأنفسهم، طمع فيهم. وكان بين عسكره وبين عسكر بو سعيد مسيرة ثلاثة أيام. ولما بعث بو سعيد ابنه إليه، في قضية عدم المعارضة في أمر الميرة، أعادها إلى ذكرها من بعده، وأحسّ بو سعيد بشرّ، فأعادها إلى حسن ثانيًا، مظهرًا الدخلة عليه في عدم تعرّضه لعساكره في أمر الميرة، وكان قد بعث إلى بلاد شَمَاخي (١) بطلب الميرة، وبلغ حسن ذلك، فبعث لصاحب شماخي بمنعه من ذلك، ثم ندب ولده للسير خلفه وهو مُجدّ، وحسن بأثره، وكان يقصد بو سعيد بإعادة أمّه تثبيط حسن عن سيْره إليه، وإعاقته عن ذلك، فإنه أكّد عليها في أن تعيقه عن مسيره إليه، وإلّا فقد هلك، وأحسّ بذلك، وعلم بحيلة بو سعيد لينجو بنفسه، فعاكَسَه في مقصده، وجدّ في سيره، وولده قد خرج قبله، فأدرك الولد عسكر بو سعيد هذا وهم في أسوأ (٢) حال وغلبة، بعد أن بلغ حسن مكان خزانته، فقاطع عليها ومَلَكَها عن آخرها، وبعث في الحال من يوصل هذا الجند لعسكر بو سعيد، ليبعدهم عنه، ويقع رعب حسن في قلوبهم، وأنه واصل، ثم وصل من قدّامه ووراء عسكر بو سعيد بن حسن، فالتقيا على عساكر بو سعيد، لم يجد بُدًّا مز المقاتلة، فوقعت الحرب بينهما ساعة، ثم انجلت عن قتْل بو سعيد أو حزمه، ثم أخِذ فحزّ رأسه أو نحو هذا، كل ذلك بعد الهزيمة. هذا ما تحرّر لي من ذلك.

ووهِم من قال بأن بو سعيد هذا جاء نجدة لحسن علي بن جهان شاه على حسن، بل إنّما جاء لأخذ البلاد منه لاستلياشه، واستلاش حسن أيضًا، وكان فعله هذا في هذه السنة، ولعلّه في ذي القعدة أو شوّال، والله أعلم.

وحُزّت رأسه، فيقال بعد أسره، وقيل بعد أن وُجد قتيلًا بالمعركة. ويقال غير ذلك. والله أعلم.


(١) شَمَاخي: بفتح أوله، وتخفيف ثانيه، وخاء معجمة مكسورة، وياء مثنّاة من تحت. مدينة عامرة وهي قصبة بلاد شروان في طرف أران تُعدّ من أعماد باب الأبواب. (معجم البلدان ٣/ ٣٦١).
(٢) في الأصل: "اسواء".

<<  <  ج: ص:  >  >>