للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وكان قرقماس هذا إنساناً حسناً، وأميراً جليلاً، شهماً، عاقلاً، أدوباً، حشماً، ذا وقار وتُؤدة، وحُسن سمت، وسلامة فِطرة، وصِدق لهجة، قليل الشرّ، بل عديمه، من كبار الأعيان من الأشراف لم يُداخلهم في أمورهم ولا أحوالهم ولا شاركهم يوماً من الدهر في فتنة وقيام ولا غير ذلك، ولم يتعدّ طوره ولا رأى مكدّراً قطّ سوى تلك القضية الهيّنة الكائنة له في دولة يلباي على ما عرفتها وتزوّج يملك باي أم ولد أستاذه الشهابي أحمد بن الأشرف بَرْسباي، وهو الذي ربّاه في حجره، وداره على ما عرفتَه في ترجمة الشهابي أحمد المذكور.

وكان كثير المحبّة والمودّة للوالد يُجلّه ويعظّمه، بل صرّح له في أحيان بقوله: أنت في مقام أستاذنا.

وبالجملة فكان من نوادر الأمراء ومن أجلّهم.

٥٢١ - قوزي الظاهري (١).

أحد العشرات، ورؤوس (٢) النُوَب.

كان من مماليك الظاهر جقمق في حال إمرته، وجعله خاصكيّاً بعد مدّة من سلطنته لصِغَر سنّه. ثم جعله بعد ذلك ساقيًا، ودام على ذلك إلى سلطنة المنصور عثمان بن أستاذه الظاهر المذكور فأمّره عشرة.

ولما جرت الكائنة التي خُلع فيها المنصور كان قوزي هذا من حزبه بالقلعة مع من كان معه، فامتُحن بالنفي إلى البلاد الشامية، ودام بها مدّة إلى سلطنة الظاهر خُشقَدم، فاستقدمه وأمّره عشرة أيضاً، ثم صيّره من رؤوس (٣) النُوَب، ودام على ذلك حتى تسلطن خُشداشه الأشرف قايتباي، فعيّنه إلى التجريدة الماضي خبرها، فتوجّه وعاد متمرّضاً، ودام إلى أن بَغَتَه الأجل.

وكان ذا حُسن سمْت وتؤدة، وأدب، وحشمة، وتديّن، وسكون، مع حُسن هيئة وشكالة.

توفي بالقاهرة بمرضه الذي عاد به في يوم الجمعة ثامن جماد الأول، وهو كهل.

وجُهّز وأحضرت جنازته لمصلَّى سبيل المؤمني، ونزل السلطان فحضر الصلاة عليه.


(١) انظر عن (قوزي الظاهري) في: إنباء الهصر ٨٩ رقم ١٣ وفيه: "فوزي"، والضوء اللامع ٦/ ٢٢٥ رقم ٧٥٨، ونيل الأمل ٦/ ٣٥٤ رقم ٢٧٥٤.
(٢) في الأصل: "روس".
(٣) في الأصل: "روس".

<<  <  ج: ص:  >  >>