للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

كان حَكَماً بين رُماة البندق ويفتخر بذلك، وبالجملة فكان من النوادر في كثير من الأشياء، وقصده الكثير من الشعراء وامتدحوه بكثير من القصائد الطنّانة. وكان كثير العطاء لهم.

وتوفي في ليلة الإثنين مستهلّ شعبان، وأُخرجت جنازته حافلة جدّاً، وكادت القاهرة أن ترتجّ لموته، وتقدّم في الصلاة عليه أخوه السراج، ووُلّي القضاء عِوضاً عنه بعده على ما تقدّم.

ويقال إن نسبهم فيه شيء، واللَّه أعلم.

٥٢٨ - محمد بن أحمد بن عمر الشِنْشِي (١)، القاهري، الشافعي.

الشيخ الإمام، العالم، البارع، الفاضل، شمس الدين.

ولد بالقاهرة من ظواهرها قبل السبعين وسبعمائة أو بعدها بيسير تقريباً (٢).

وبها نشأ فحفظ القرآن الكريم في عدّة كتب، منها "الرسالة الشمسية" في المنطق، ونشأ مشتغلاً بالعلم، فأخذ عن جماعة، منهم: البرهان الإبناسي، والسراج البُلقيني، والشمس العراقي، والشمس الشطّنوفي، وآخرون (٣) من الأكابر. وسمع الحديث على الزين العراقي، وصحب الشيخ علي المغربل، وشُهر بالفضل والعلم، وناب في القضاء بالقاهرة وبعض ضواحيها وبالمحلّة وغيرها، وتصدّى للإفادة والتدريس بالجامع الأزهر، وانتفع به الكثير من الطلبة وأخذوا عنه طبقة بعد طبقة. وناب في تدريس الصلاحية المجاورة لقبّة الإمام الشافعي رضي الله عنه، عن السراج الحمصي، وولي مشيخة الأستادّارية، وهو أول من أخذ عن الإبناسي، والبُلقيني.

وكان عالماً فاضلاً، يستحضر الكثير من الفقه والأصول والعربية، ذا تقشُّف زائد وتواضع، خيّراً، ديِّناً، متقلّلاً من الدنيا عديم التكلّف، طارحاً له جداً، حتى احتيج إلى الاعتذار عنه بسبب طعن البعض فيه من أجل ذلك. وكان منجمعاً عن الناس، وانقطع بأخرة عن الإقراء، بل والحركة لِكِبر سِنّه، واعتراه حالة تشبه الاختلال وتقرب منها.


(١) في الأصل: "الشننتي "، وانظر عنه في: إنباء الهصر ٩٦ رقم ١٨، والضوء اللامع ٧/ ٣٤ رقم ٦٤، ووجيز الكلام ٢/ ٨٠١ رقم ١٨٤١، والذيل التام ٢/ ٢٢١، ونظم العقيان ١٣٦ رقم ١٢٧ وفيه: "الشفشي" بالفاء، وهو غلط، ونيل الأمل ٦/ ٣٥٥ رقم ٢٧٥٥، وقال السخاوي: ويعرف بالشنشي وقديماً بين أهل البلاد بقاضي منية أسنا.
(٢) في الضوء اللامع: ولد في سنة ثمان وسبعين وسبعمائة.
(٣) في الأصل: "واخرين".

<<  <  ج: ص:  >  >>