للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وبالجملة فكان زين الدين هذا من نوادر الغرائب وغرائب النوادر في سيره وأموره وأحواله.

وله من الآثار أشياء كثيرة، منها الجامع المعظّم ببولاق المعروف بالأستادّارية، وبناه وجعل عليه اسم الظاهر، وأخبره أنه بناه في صحائفه وجعل ثوابه له، فلو قدّر على أن له الأجر في بنائه لكان لغيره بجعله ذلك للغير بنفسه على ما يأتي ذلك من الخلاف المشهور بين الفقهاء.

ومن آثاره أيضًا المدرسة الأنيقة المعظّمة بلصق داره بين السورين، والمدرسة التي بقربٍ منها أيضًا، والمدرسة بالحبّانية.

وكان يحضر سماع الحديث على الحافظ ابن (١) حجر في بعض مدارسه.

ومن آثاره الرباط بين السورين أيضًا، وغير ذلك مما أنشأه بمكة، والمدينة، والبيت المقدس، وبطريق الشام وغير ذلك من المباني العظام. وأمره في تلك الأموال التي أنشأ (٢) منها ذلك إلى اللَّه وحسابه عليه.

وكان بينه وبين الوالد مودّة زائدة منه، وإظهار حبته وقيام معه في بعض مهمّاته، حيث نوّه عن القاهرة، مع أن الوالد كان يكرهه في اللَّه. وكان للزَيْن هذا مَثَل لأهل العلم والعلماء، وحجّة وافرة لهم. وله في ذلك أشياء تُعدّ من محاسنه، وقصده الكثير من الشعراء ومدحوه بالمدائح الفاخرة والقصائد الطنّانة.

وتوفي بمحبسه من القلعة بالبرج من ألم ما ناله من الضرب، عن سنّ عالية، في يوم الخميس ثامن عشرين ربيع الأول، سامحنا اللَّه تعالى وإيّاه.

٦٠٢ - يشبُك من حيدر الأشرفي.

أحد العشرات ورؤوس (٣) النُوَب. وهو غير يشبُك من حيدر والي القاهرة الآن، الماضية ترجمته.

كان صاحب الترجمة من مماليك الأشرف إينال أيضًا، وصُيّر خاصكيًا بعده على ما أظنّ. وتأمّر عشرة في هذه الدولة، وصُيّر من رؤوس (٤) النُوَب، ثم عُيّن لتجريدة شاه سوار، فتوجّه إليها، ولما جرى من كسر العسكر ما قدّمناه وعرفتَه عاد يشبُك هذا سالمأ، ثم قدم القاهرة متمرّضاً، وطال به المرض عدّة شهور إلى أن بَغَتَه الأجل به.


(١) في الأصل: "بن".
(٢) في الأصل: "انشاء".
(٣) في الأصل: "روس".
(٤) في الأصل: "روس".

<<  <  ج: ص:  >  >>