للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لاستنتاجه هذا منهم فمالوا إليه، فأخذ حينئذٍ في أسباب قبح الكلام لسلطنة خُشقدم بمقدّمات يعلم أنهم يسلّمونها ويلزم عنها ما أراد، وهو المطلب له، فقال لهم إننا هاهنا سواء في الرأي وأنتم الأغوات والأمر إليكم، وأنا أعرض عليكم رأينا إن رأيتموه ولا بأس، ونكون كلّنا في سواء لا ينفرد الواحد بشأنه فنكون على خلاف رأي الآخرين وإن لم تروه وأفهم الرأي فنأخذ في أسباب رأي غيره، والرأي عندي، وأظنكم توافقوني عليه إن تسلطن الأمير الكبير خُشقدم فإنه من غير الجنس يعني كونه رُويسيًّا وليس بجركسي. ثم قال أيضًا فإنه رجل غريب لا شوكة له، ومتى ما أردتم خلعه عند حضور جانَم سهل ذلك عليكم، خادعًا لهم بقضية جانَم ليتمّ الغرض التام له فيما يريده، ويكون خلعه بغير تعب ولا (. . .) (١)، وأيضًا فإن خُشقدم ليس ممن هو في الرتبة كعِظم جرباش ووجاهته، وتكلّم بكلمات أو نحو هذه الكلمات وهم له سامعون ولرأيه قابلون، لا يعلمون غرضه ولا ما هو فيه، إذ جل غرضه كان إبعاد السلطنة عن جانم والر (. . .) (٢) من ذلك، ثم تمهيد الأمر لنفسه إمّا بأن سيلي الأمر ولو بعد حين، كما أشيع عنه أنه كان غرضه التام لذلك، وكان سببًا لقتله، أو أن يكون هو المدبّر للمملكة كما فعله من في سلطنة خُشقدم، وأيضًا علم أن سلطنة خشقدم تمنع من تمكّن جانَم والأشرفية، لا سيما إذا كان هو مدبّرها. وكان هذا الرأي مكيدة على الأشرفية على ما هو ظاهر ببادئ الرأي لمن له بعض تأمّل لم يتفطّن الأشرفية لذلك إلّا بعد حين ولم ينفعهم ذلك، وساعد الدهر الظاهرية وأُقعد أولئك، ومن يومئذٍ عظُمت شوكة الظاهرية حتى بقوا أصحاب التخت الآن، وأمّا أولئك فأنت عارف بما هم فيه وبأحوالهم، بل بذهابهم ورّوا لهم ولا حاجة إلى الكلام. ولما تم هذا الرأي جاؤوا -أعني الطائفة الظاهرية والأشرفية- بعد أن فرغوا مما قرّروا وانتهوا مما ذكروه فصعدوا إلى القلعة وجميع الأمراء به جلوسًا (٣)، وخشقدم في هذا صدر المجلس لا ما يكتبه على أنه لم تحدّثه نفسه بالسلطنة.

في ذلك اليوم ذكر لى الوالد عنه أنه أسرّ إليه فيما بعد ذلك بمدّة وقال له: لولا خطر ذلك ببالي لأني كنت في ذلك اليوم أجنبيًا عن تلك الطوائف فإنهم من جنس آخر.

ثم شرع جانِبَك نائب جدّة في فتح الكلام فقال: نحن -يعني الطائفتين الأشرفية والظاهرية- نريد أن نسلطن علينا رجلًا (٤) يحصل به النفع لنا


(١) كلمة غامضة.
(٢) كلمة غامضة.
(٣) في الأصل: "جلوس".
(٤) في الأصل: "رجل".

<<  <  ج: ص:  >  >>