للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عربان علي بن فايد وأرادوا أخذه، فلم يزل بهم وأظهر لهم أنه من الأولياء وأهل الصلاح حتى كفّوا عنه، بعد أن نهبوا شيئًا من متاعه ومتاع من معه لا يُعبأ به، فلما خلص نجيًّا حلّ بقومٍ من العربان يعادون هذه الطائفة فأثارهم على أولئك، وأركب كبيرَهم فرسه ووعده بإمراره ومعاونته بجماعته، ووعدوه هم بخلاص ما أخذ له أعداؤهم (١) من المتاع. وثارت بين هؤلاء وأولئك حرب هُزم فيها جماعة الشريف هذا ومن معه من العربان، ولا زالوا في الهزيمة إلى أن وصلوا بهم إلى حيث هو نازل، فنهبوه نهبًا ذريعًا، وهدّوا خيمته وغالب ما كان معه ومع جماعته، وحنقوا منه ولم يبق من قِبله إلّا اليسير، ثم تركوه لأجل شرفه على زعمه، ففرّ بنفسه، ولم يزل حتى دخل إلى طرابُلُس المغرب، وكان قائدها إذ ذاك أبو النصر بن جاء الخير، الآتية ترجمته في محلّها وشيء (٢) من أخباره قبل ذلك إن شاء اللَّه تعالى، فشكى إليه الشريف هذا ما حلّ به وما قاساه من علي بن فايد، وادّعى أنه أخذ منه شيئًا كثيرًا، من ذلك جوهرة كبيرة ثمينة أحضرها تحفةً لصاحب تونس، وكانت مخبّأة بعمامته، وأنه أخذ له مبلغًا من المال، وسمّى شيئًا له جُرم وصورة، وهو كاذب في ذلك جميعه، وما عند قائد طرابلس من كذِبه خبر، فظنّ الأمرَ على جليّته لمكان شرفه، فاختشى من غائلة هذا الخبر وعاقبة أمره، وأن يعود عليه العائد من قِبَل صاحب تونس، فإنّ ذلك كان بالقرب من عمل بلاده، فانتدب عدّة من الفرسان من جماعته كالقُصّاد إلى علي بن فايد، وهو يوبّخه على ما فعله مع الشريف ويخوّفه عاقبة ذلك من صاحب تونس، ويأمره بأن يعيد جميع ما أخذه منه، وإلّا حلّ به من صاحب تونس النكال، بعد أن تدخّل على القُطب هذا بأن يقيم بطرابُلُسَ إلى حين عَود الجواب، فبعث إليه ابن (٣) فايد بالخيمة التي أخذها وبعض أثاث، وحلف يمينًا أنه ما أخذ له غير ذلك، واستمرّ مصمّمًا على دعواه، ولا مَن يصدّقه عليها من جماعته، بل ربّما كذب خفية، واجتهد قائد طرابُلُس حتى اطّلع على كذبه، فتركه، وخرج هو من طرابُلُسَ قاصدًا تونس، فاتفق وصوله لإقليم تونس حين عَود صاحبها عثمان من تِلمِسان، وكان قد توجّه لأخذها كما بينّاه.

ولما بلغ الشريف جُلَيلَ مجيءُ القُطب هذا وتحقّق أنه إنما جاء بسببه لأذاه لحسده إيّاه، فخرج من تونس وتلقّاه قبل اجتماعه بالسلطان، فترحّب به لأنه من


(١) في الأصل: "اعداهم".
(٢) في الأصل: "وشيئًا".
(٣) في الأصل: "بن".

<<  <  ج: ص:  >  >>