للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فقلت: حرف امتناع لوجوب.

فقال: فجواب لو بماذا؟

فقلت: باللام إمّا ظاهرة أو مقدَّرة.

قال: فما تقول في قوله تعالى: {كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ - • لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ} [التكاثر: ٥، ٦].

فأردت أن أقول إن جوابها "لَتَرَوُنّ" ثم وُفّقت إلى معرفة أنه لو كان جوابها نفى قولي إن جواب لو باللام لما سألني عنها، فلم أسرع في الكلام وأفكرت (١) في ذلك. فاتفق أن أَقيمت الصلاة وأنا في أثناء تفكّري، وشرعنا في الصلاة، فألهمني الله تعالى أنّني إن تفكّرت في ذلك في أثناء صلاتي لا يفتح اللَّه عليّ بشيء، فأُلهمتْ الجواب. فلما قضينا الصلاة قال له الوالد: سلْه عن سبب نزولها. قال: وكنت أضبط عبارة الواحدي في "الوجيز"، فقلت: اختلف في سبب نزولها، فقيل: إنها نزلت في بطنين من قريش سهم وغيرهم، وقيل: في طائفتين من اليهود، تكاثروا وتعادوا الأحياء، فغلبت إحداهما الأخرى، ثم تعادوا الأموات، فأنزل اللَّه تعالى هذه السورة ذمًّا لهم وتقريعًا: {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ} [التكاثر:١] أي شغلكم التكاثر حتى زرتم المقابر تعدّون الأموات. {كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ} [التكاثر: ٣] عند النزع سوء عاقبة ما كنتم عليه. {ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ} [التكاثر: ٤] تكرير للتأكيد. {كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ} [التكاثر: ٥] طريق الحق لسلكتموها، وواللَّهِ {لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ} [التكاثر: ٦].

فقال الشيخ علاء الدين بصوته العالي: أشهد أنك إمام، أشهد أنك إمام.

قال السعد، رحمه اللَّه: هذا ما كان عندي إذ ذاك، وأمّا الآن فعندي في {ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ} [التكاثر: ٤] جوابان آخران، أي كلّا سوف يعلمون عند الموت. أو كلّا سوف تعلمون عند الموت، ثم كلّا سوف تعلمون عند البعث، فيكون التكرار على هذا هاهنا للتأسيس لا للتأكيد (٢).

وقد عرفتَ بهذا ما كان عليه صاحب الترجمة من الفضل والعلم، ولقد فاق على أبيه في حال حياته.

وكان إمامًا بارعًا في الفقه والتفسير، غاية في السِيَر، وله فيه اليد الطولى،


(١) هكذا في الأصل. والصواب: "وفكّرت".
(٢) قارن بما في: عنوان الزمان ٣/ ٢٧، ٢٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>