للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٩٠ - شادبك الصارمي (١).

نائب غزّة.

كان من مماليك المقام الصارمي الأمير صارم الدين إبراهيم ابن (٢) المؤيَّد شيخ. وهو مشهور الترجمة، وكان من أجلّ أولاد الملوك حُرمة ووجاهة، ومعرفة وكياسة وفروسية.

يُذكر أن والده سمّه لأمر ما بتحسين بعض أرباب دولته ذلك له، وندم على ذلك بعد وقوعه، وكاد أن يبطش بالمشير عليه بذلك.

ويقال إنه عمل له ذلك المشير عليه يومًا حافلًا ببولاق، وببعض الدُور بها، عقيب موت إبراهيم ليشغله بالنزهة عنه عساه يسلاه، فلما أحضر إليه السماط وجلس على رأسه للأكل، نظر إلى مكان كان يجلس ولده إبراهيم، فلم يمدّ يده للسماط، بل نظر إلى من حضر إلى المشير عليه، فقال له: ما كان ينقص هذا السماط إلّا إبراهيم، ثم أمر به، فهرب من بين يديه، ولم يأكل شيئًا، لا هو ولا من حضر من خواصّه وله حكايات تطول.

وهو الذي أحضر ابن (٣) قَرَمَان مأسورًا من بلاده إلى مصر.

وكان شادبك هذا من خواصّ مماليكه، ونزل بعده في ديوان الخدمة السلطاني، ثم صُيّر خاصكيًّا، ثم تنقّلت به الأحوال حتى صيِّر من العشرينات بطرابلس، ثم صُيّر حاجب الحجّاب بها، وكانت إمرته بسعي الوالد ونحن بطرابلس، يأكلها الوالد طرخانًا على ما تقدّم ذلك، فكان كثير التودّد والتردّد إلى الوالد ونحن بطرابلس. ثم آل أمره أنْ وُلّي نيابة غزّة بمالٍ بذله فيها. وقد قدّمنا خبر ولايته لها. وقدم غزّة، فلم ينشَب أن بَغَتَه الأجل بها قبل أن يستوفي ما بذل فيها.

وكان شيخًا منوّر الشيبة، حسن الهيئة، ساكنًا، حشمًا، أدوبًا، ذا سمت حسن وتؤدة، وعقل تام، ولا بأس به.

قارب الستين، فإنّي أعرفه جدّ المعرفة، بل ربّما أكمل السبعين.


(١) انظر عن (شادبك الصارمي) في: النجوم الزاهرة ١٦/ ٣١٩، والضوء اللامع ٣/ ٢٩٠ رقم ١١٠٧، ونيل الأمل ٦/ ١٥٦ رقم ٢٥٥٩، وبدائع الزهور ٢/ ٤٠٢، وتاريخ طرابلس ٢/ ٧٤ رقم ٢٧، ونيابة غزة ٣٠٨ رقم ١٠٣.
(٢) في الأصل: "بن".
(٣) في الأصل: "بن".

<<  <  ج: ص:  >  >>