للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

قال المؤلّف: ذكر لي هذه الحكاية بعض من أثق به ممن سمعها من لفظ السلطان (١).

ولما ذكر "ابن تغري بردي" تولية "يشبُك الفقيه" الدوادارية الكبرى بعد قتْل نائب جُدّة كتب يقول: ولم يل مجده ولا ثناءه ولا همّته ولا حُرمته ولا شهامته ولا عَظَمَته. علّق المؤلّف قائلًا: وهذا كلام لعلّه صدر عن من لا يعرف الإيمان ولا بعقل وبرهان. وأنت يا مخاطب منصفي منه فدونك وهذا الشأن، وانظر بدين الإنصاف واترك الاعتساف في النسبة بين جانِبَك ويشبُك الفقيه ( ....... ) وأدبه وحشمته وتواضعه، وصُحبته لأهل العلم والفضل، وقربه ونجدته، وعدله وقلّة أذاه، فشتَّان ما بينهما. فلا حول ولا قوّة إلّا باللَّه. اللهمّ اجعلنا ممن يقول الحقّ وينظر بعين الإنصاف" (٢).

ولا يترك المؤلّف فرصة سانحة إلّا ويغتنمها للنَيْل من "ابن تغري بردي"، ويجدها هذه المرة في ما كتبه عن سلطنة تمربُغا وتفضيله على كل السلاطين الذين سبقوه؟ بما فيهم صلاح الدين الأيوبيّ. فقالى عن"تمُربُغا": "ولما ترجمه بعض المؤرّخين ممن يجازف في كلامه ويعرّض فيما يقول، قال: لا نعلم في ملوك مصر من ولي تختَ مصر من الدولة التركية أفضل منه، ولا أجمع للفنون والفضائل، مع علمي من ولي مصر قديمًا وحديثًا من يوم افتتحها عمرو بن العاص إلى يوم تاريخه، ولو شئت لقُلتُ: ولا من بني أيوب! ثم أخذ بعد ذلك يذكر كلامًا طويلًا لا طائل تحته، ولا يصدر عن من له أدنى مسألة في معرفة نقد الناس والوقوف على سِيرهم وأحوالهم وأخبارهم إمّا بالمشاهدة والعيان، أو بالخبر والبرهان. ورأيت هذا المسكين في غاية الجهل بمراتب الناس ومعرفة ذلك وما لهم من المقامات الذاتية والعرفية مع ما عرفته من ترجمتنا لتَمُربُغا هذا وإيصالنا له إلى حقّه، لكنْ بحيث يصل الإنسان في الإطراء إلى مثل قول هذا القائل فلعلّ هذا المقال يؤدّي إلى الهبال، وما جميع من ملك مصر مع بني أيوب لا سيما السلطان السيد الشهيد الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب إلّا كما قال الشاعر:

نزلوا بمكة في قبائل نوفل … ونزلت بالبيداء أبعد منزل

وكذا (مع الصالح نجم الدين أيوب، ووالده الكامل محمّد، بل ووالده العادل أبو بكر بن أيوب) (٣)، فليس من الإنصاف، بل ولا من الدين، لا سيما لمن


(١) الروض الباسم، ٢/ ورقة ٥٨ ب.
(٢) الروض الباسم، ٢/ ٥٨ ب.
(٣) ما بين القوسين كتب على هامش المخطوط.

<<  <  ج: ص:  >  >>