للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الحقيقة ما تركها رأسًا وأصلًا، فإنه كان رديء الأصل، لا يمكنه الانقطاع عما ألِفَه طبْعُه، وصار كالمباح له، فما أحقّه بقول بعضهم:

تَوَقَّ بطونًا جُوِّعت ثم أُشبعتْ … فإنّ بقايا الجوع فيها مخمَّر

وراعِ بُطونًا أُشبعتْ ثم جُوِّعتْ … فإنّ كريمَ الأصل لا يتغيّر

ودام كذلك مدّة الظاهر على بوّابته، إلى أن تسلطن الأشرف إينال. وبينا الأشرف المذكور في أثناء تفرقة الأقاطيع والإمريّات على الناس في أول دولته، إذ وقف له جانَم هذا، وسأله في إمرةٍ لنفسه بغير واسطة، من جسارته وجوعه النفسي، وإلّا فهو في كفاية وغنْية، فلم يُجبه الأشرف إلى سؤاله، ولا التفت إليه، فبدر بأن ألقى بنفسه إلى الأرض في الملأ (١) العام من الناس بالحَوش، ثم قال باللغة التركية: إمّا أن تأمر المشاعلي بأن يوسّطني ها أنا مستسلم، وإمّا أن تعطيني إمرة! وقصد بذلك التمسخر والمضحكة بين يدى السلطان، فضحك منه ومَن حضر، وشفع له بعض أعيان ذلك المجلس، فأمّر عشرة، ثم صُيّر من رؤوس (٢) النُوَب، ودام على ذلك حتى بَغَتَه أجَله.

ذكر لي بعض من أثق به أنه مع تأمّره لم يزُل عن طبعه في الشحادة، وكان يسأل بعض أكابر الأمراء في أشياء، ويُجاب إلى سؤاله لكونه أميرًا. وكانت الأتراك من طائفته يستعيبون عليه فعله، ويلحقهم منه العار، وله في البخل والحماقة، والنذالة، وقلّة المروءة، ودناءة الهمّة والمقالة، والعسالة، والمضحكات، والتمسخر حكايات طويلة يُستَحَى من ذِكر بعضها.

توفي بعد مرضٍ طال به في () (٣).

وكان مُسِنًّا.

٣٠١ - جوهر الأرغون شاوي (٤) الظاهري، الحبشي.

الخادم (٥) الطواشي، صفيّ الدين، رأس نوبة الجَمدارية، المعروف بالساقي. كان من خدّام أرغون شاه الصالحي، الظاهري برقوق، أحد الأجناد


(١) في الأصل: "الملاء".
(٢) في الأصل: "روس".
(٣) بياض في الأصل.
(٤) انظر عن (جوهر الأرغون شاوي) في: النجوم الزاهرة ١٦/ ٣٤٧، ٣٤٨، ووجيز الكلام ٢/ ٧٨١ رقم ١٧٩٩، والذيل التام ٢/ ١٩٨، والضوء اللامع ٣/ ٨١ رقم ٣١٧، ونيل الأمل ٦/ ٢٣٧ رقم ٢٦٤٤، وبدائع الزهور ٢/ ٤٣٧، ٤٣٨.
(٥) كتب قبلها "الساقي" ثم شطب عليها.

<<  <  ج: ص:  >  >>