للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الزُّهرِيِّ، أخبرَنِي حُمَيدُ بن عبد الرَّحمَنِ أن أبا هريرةَ قال: بَعَثَنِي أبو بكرٍ فيمَن يُؤَذِّنَ يَومَ النَّحرِ بمِنًى ألَّا يَحُجَّ بَعدَ العامِ مُشرِكٌ، وألَّا يَطوفَ بالبَيتِ عُريانٌ. ويَومُ الحَجِّ الأكبَرِ يَومُ النَّحر، وإِنَّما قيلَ: الحَجُّ الأكبَرُ مِن أجلِ قَولِ النّاسِ: الحَجُّ الأصغَرُ. فنَبَذَ أبو بكرٍ - رضي الله عنه - إلَى النّاسِ في ذَلِكَ العام، فلَم يَحُجَّ في العامِ القابِلِ الَّذِي حَجَّ فيه رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - حَجَّةَ الوَداعِ مُشرِكٌ، وأَنزَلَ اللهُ عَزَّ وجَلَّ في العامِ الَّذِي نَبَذَ فيه أبو بكرٍ إلَى المُشرِكينَ: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ}. إلَى قَولِه: {عَلِيمٌ حَكِيمٌ} [التوبة: ٢٨]. فكانَ المُشرِكونَ يوافونَ بالتِّجارَةِ فيَنتَفِعُ بها المُسلِمونَ، فلَمّا حَرَّمَ اللهُ على المُشرِكينَ أن (١) يَقرَبوا المَسجِدَ الحَرامَ وجَدَ المُسلِمونَ في أنفُسِهِم مِمّا قُطِعَ عَنهُم مِنَ التِّجارَةِ التي كان المُشرِكونَ يوافونَ بها، فقالَ اللهُ تَعالَى: {وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شَاءَ}. ثُمَّ أحَل في الآيَةِ التي تَتبَعُها الجِزيَةَ، ولَم تَكُنْ، تُؤخَذُ قبلَ ذَلِكَ، فجَعَلَها عِوَضًا مِمّا مَنَعَهُم مِن موافاةِ المُشرِكينَ بتِجاراتِهِم فقالَ: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} [التوبة: ٢٩]. فلَمّا أحَلَّ اللهُ ذَلِكَ لِلمُسلِمينَ عَرَفوا أنَّه قَد عاضَهُم أفضلَ مِمّا كانوا وجَدوا عَلَيه مِمّا كان المُشرِكونَ يوافونَ به مِنَ التِّجارَةِ (٢).


(١) بعده في م: "لا".
(٢) المصنف في المعرفة (٥٥٤٥) بالإسناد الأول. وأخرجه أبو داود (١٩٤٦) مقتصرًا على ذكر حجة أبي بكر، والطبراني في مسند الشاميين (٣٠٦٧) من طريق أبي اليمان به. وتقدم في (٩٣٨٠) =