للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بلِحيَتِه، والمُغيرَةُ بنُ شُعبَةَ قائمٌ على رأسِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- ومَعَه السَّيفُ وعَلَيه المِغفَرُ، فكُلَّما أهوَى عُروَةُ بيَدِه إلَى لحيَةِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- ضَرَبَ يَدَه بنَعلِ السَّيفِ (١)، وقالَ: أخِّرْ يَدَكَ عن لِحيَةِ رسولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-. فرَفَعَ عُروَةُ يَدَه، فقالَ: مَن هَذا؟ قالوا: المُغيرَةُ بنُ شُعبَةَ. قال: أى غُدَرُ، أوَلَستُ أسعَى فى غَدرَتِكَ؟ وكانَ المُغيرَةُ صَحِبَ قَومًا فى الجاهِليَّةِ، فقَتَلَهُم وأَخَذَ أموالَهُم، ثُمَّ جاءَ وأَسلَمَ، فقالَ النَّبِىُّ -صلى الله عليه وسلم-: "أمّا الإِسلَامَ فأَقبَلُ، وأَمّا المالَ فلَستُ مِنه فى شَئٍ". ثُمَّ إنَّ عُروةَ جَعَلَ يَرمُقُ النَّبِىَّ -صلى الله عليه وسلم- بعَينِه، قال: فواللهِ ما تَنَخَّمَ رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- نُخامَةً إلَّا وقَعَت فى كَفِّ رَجُلٍ مِنهُم فدَلَكَ بها وَجْهَه وجِلْدَه، وإِذا أمَرَهُمُ ابتَدَروا أمرَه، وإِذا تَوَضّأ كادوا يَقتَتِلونَ على وَضُوئهِ، وإِذا تَكَلَّموا خَفَضوا أصواتَهُم، وما يُحِدُّونَ النَّظَرَ إلَيه تَعظيمًا له، فرَجَعَ إلَى أصحابِه فقالَ: أى قَومِ، واللهِ لَقَد وفَدتُ على المُلوكِ، ووَفَدتُ على قَيصَرَ وكِسرَى والنَّجاشِىِّ، واللهِ إن رأيتُ مَلِكًا قَطُّ يُعَظِّمُه أصحابُه ما يُعَظِّمُ أصحابُ محمدٍ محمدًا، واللهِ إن تَنَخَّمَ نُخامَةً إلَّا وقَعَت فى كَفِّ رَجُلٍ مِنهُم فدَلَكَ بها جِلدَه ووجهَه، وإِذا أمَرَهُمُ ابتَدَروا أمرَه، وإِذا تَوَضَّأ كادوا يَقتَتِلونَ على وَضوئِه، وإِذا تَكَلَّموا خَفَضوا أصواتَهُم عِندَه، وما يُحِدُّونَ إلَيه النَّظَرَ تَعظيمًا له، وإِنَّه قَد عَرَضَ عَلَيكُم خُطَّةَ رُشدٍ فاقبَلوها. فقالَ رَجُلٌ مِن بَنِى كِنانَةَ: دَعونِى آتِه. قالوا: ائتِه. فلَمّا أشرَفَ على النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- وأَصحابِه قال النَّبِىُّ -صلى الله عليه وسلم-: "هذا فُلانٌ، وهو مِن قَومٍ يُعَظِّمونَ البُدنَ؛ فابعَثوها له". فبُعِثَت له، واستَقبَلَه القَومُ يُلَبّونَ، فلَمّا


(١) نعل السيف: الحديدة التى فى أسفل قرابه. الفائق ٤/ ٣.