للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

رأى ذَلِكَ قال: سُبحانَ اللهِ! ما يَنبَغِى لِهَؤُلاءِ أن يُصَدّوا عن البَيتِ. فلَمّا رَجَعَ إلَى أصحابِه قال: رأيتُ البُدنَ قَد قُلِّدَت وأُشعِرَت فلَم أرَ أن يُصَدُّوا عن البَيتِ. فقامَ رَجُلٌ مِنهُم يُقالُ له: مِكرَزُ بنُ حَفصٍ. فقالَ: دَعونِى آتِه. فقالوا: ائتِه. فلَمّا أشرَفَ عَلَيهِم قال النَّبِىُّ -صلى الله عليه وسلم-: "هذا مِكرَزٌ، وهو رَجُلٌ فاجِرٌ". فجَعَلَ يُكَلِّمُ النَّبِىَّ -صلى الله عليه وسلم-، فبَينا هو يُكَلِّمُه -صلى الله عليه وسلم- إذ جاءَ سُهَيلُ بنُ عمرٍو - قال مَعمَرٌ: فأَخبَرَنِى أيّوبُ، عن عِكرِمَةَ، أنَّه لما جاءَ سُهَيلٌ، قال النَّبِىُّ -صلى الله عليه وسلم-: "قَد سَهُلَ لَكُم مِن أمرِكُم". قال الزُّهرِىُّ فى حَديثِه: فجاءَ سُهَيلُ بنُ عمرٍو، فقالَ: هاتِ اكتُبْ بَينَنا وبَينَكُم كِتابًا. فدَعا الكاتِبَ، فقالَ رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "اكتُبْ: بسمِ اللهِ الرَّحمَنِ الرَّحيمِ". فقالَ سُهَيلٌ: أمّا الرَّحمَنُ فواللهِ ما أدرِى ما هو، ولَكِنِ اكتُبْ: باسمِكَ اللَّهُمَّ. كما كُنتَ تَكتُبُ، فقالَ المُسلِمونَ: لا نَكتُبُها إلا بسمِ اللهِ الرَّحمَنِ الرَّحيمِ. فقالَ النَّبِىُّ -صلى الله عليه وسلم-: "اكتُبْ باسمِكَ اللَّهُمَّ". ثُمَّ قال: "هذا ما قاضَى عَلَيه محمدٌ رسولُ اللهِ". قالَ سُهَيلٌ: واللهِ لَو كُنّا نَعلَمُ أنَّكَ رسولُه (١) ما صَدَدناكَ عن البَيتِ ولا قاتَلناكَ، ولَكِنِ اكتُب: محمدُ بنُ عبدِ اللهِ. فقالَ النَّبِىُّ -صلى الله عليه وسلم-: "واللهِ إنِّى لَرسولُ اللهِ وإِن كَذَّبتُمونِى، اكتُبْ: محمدُ بنُ عبدِ اللهِ". قال الزُّهرِىُّ وذَلِكَ لِقَولِه: "لا يَسأَلونِى خُطَّةً يُعَظِّمونَ فيها حُرُماتِ اللهِ إلَّا أعطَيتُهُم إيّاها". فقالَ النَّبِىُّ -صلى الله عليه وسلم-: "على أن تُخَلّوا بَينَنا وبَينَ البَيتِ فنَطوفَ به". فقالَ سُهَيلٌ: واللهِ لا تتَحَدَّثُ العَرَبُ أنّا أُخِذنا ضَغطَةً (٢)، ولَكِن لَكَ مِنَ العامِ


(١) فى س، م: "رسول الله".
(٢) قال القاضى: بفتح الضاد، وضَمَّها الأصيلى، أى: قهرة واضطرارًا. مشارق الأنوار ٢/ ٦١.