للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

المُقبِلِ، فكَتَبَ. فقالَ سُهَيلٌ: على ألَّا يأتيكَ مِنّا رَجُلٌ وإِن كان على دينِكَ إلَّا رَدَدتَه إلَينا. فقالَ المُسلِمونَ: سُبحانَ اللهِ! كَيفَ يُرَدُّ إلَى المُشرِكينَ وقَد جاءَ مُسلِمًا؟! فبَينا هُم كَذَلِكَ إذ جاءَ أبو جَنْدَلِ ابنُ سُهَيلِ بنِ عمرٍو يَرسُفُ (١). وقالَ يَحيَى عن ابنِ المُبارَكِ: يَرصُفُ فى قُيودِه. وقَد خَرَجَ مِن أسفَلِ مَكَّةَ حَتَّى رَمَى بنَفسِه بَينَ أظهُرِ المُسلِمينَ، فقالَ سُهَيلٌ: هذا يا محمدُ أوَّلُ ما أُقاضيكَ عَلَيه أن تَرُدَّه إلَىَّ. فقالَ النَّبِىُّ -صلى الله عليه وسلم-: "إنّا لَم نَقضِ فالكِتابَ بَعدُ". قال: فواللهِ إذن لا نُصالِحُكَ على شَئٍ أبَدًا. فقالَ النَّبِىُّ -صلى الله عليه وسلم-: "فأَجِزْه (٢) لِى". قال: ما أنا بمُجيزِه (٣). قال: "بَلَى فافعَلْ". قالَ: ما أنَا بفاعِلٍ. قال مِكرَزٌ: بَلَى قَد أجَزْناه (٤) لَكَ. فقالَ أبو جَندَلٍ: أى مَعاشِرَ المُسلِمينَ أُرَدُّ إلَى المُشرِكينَ وقَد جِئتُ مُسلِمًا! ألا تَرَونَ ما قَد أُتيتُ؟ وكانَ قَد عُذِّبَ عَذابًا شَديدًا فى اللهِ عَزَّ وجَلَّ. فقالَ عُمَرُ: فأَتَيتُ النَّبِىَّ -صلى الله عليه وسلم- فقُلتُ: ألَستَ نَبِىَّ اللهِ؟ قال: "بَلَى". قُلتُ: ألَسنا على الحَقِّ وعَدوُّنا على الباطِلِ؟ قال: "بَلَى". قُلتُ: فلِمَ نُعطِى الدَّنيَّةَ فى دينِنا إذن؟ قال: "إنِّى رسولُ اللهِ، ولَستُ أعصِيه، وهو ناصِرِى". قُلتُ: أوَلَيسَ كُنتَ تُحَدِّثُنا أنّا سَنأتِى البَيت فنَطوفُ به؟ قال: "بَلَى، فأَخبَرتُكَ أنَّكَ تأتيه العامَ؟ ". قُلتُ: لا. قال: "فإِنَّكَ آتيه ومُتطوِّفٌ به". قال: فأَتَيتُ أبا بكرٍ، فقُلتُ:


(١) يرسف: بضم السين ويقال بكسرها، يمشى مشية المقيد. مشارق الأنوار ١/ ٣٠٠.
(٢) فى الأصل: "فأجره" بالراء المهملة، وقال القسطلانى: بهمزة مفتوحة فجيم مكسورة فزاى ساكنة، أى: أَمْضِ. إرشاد السارى ٤/ ٤٤٩.
(٣) فى الأصل: "بمجيره".
(٤) فى الأصل: "أجرناه".