للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

يا أبا بكرٍ، ألَيسَ هذا نَبِىَّ اللهِ حَقًّا؟ قال: بَلَى. قُلتُ: ألَسنا على الحَقِّ وعَدوُّنا على الباطِلِ؟ قال: بَلَى. قُلتُ: فلِمَ نُعطى الدَّنيَّةَ فى دينِنا إذن؟ قال: أيُّها الرَّجُلُ، إنَّه رسولُ اللهِ، ولَن يَعصِىَ رَبَّه وهو ناصِرُه، فاستَمسِكْ بغَرزِه (١) حَتَّى تَموتَ، فواللهِ إنَّه لَعَلَى الحَقِّ. قُلتُ: أوَلَيسَ كان يُحَدِّثُنا أنَّه سَيأتِى البَيتَ ويَطوفُ بهِ؟ قال: بَلَى، أفأخبَرَكَ أنَّكَ تأتيه العامَ؟ قُلتُ: لا. قال: فإِنَّكَ آتيه فتَطوفُ به. قال الزُّهرِىُّ: قال عُمَرُ: فعَمِلتُ لِذَلِكَ أعمالًا. قال: فلَمّا فرَغَ مِن قَضيَّةِ الكِتابِ قال رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- لأصحابِه: "قوموا فانحَروا ثُمَّ احلِقوا". قال: فواللهِ ما قامَ مِنهُم رَجُلٌ حَتَّى قال ذَلِكَ ثَلاثَ مَرّاتٍ، فلَمّا لَم يَقُمْ مِنهُم أحَدٌ قامَ فدَخَلَ على أُمِّ سلمةَ، فذَكَرَ لَها ما لَقِىَ مِنَ النّاسِ. فقالَت أُمُّ سلمةَ: يا رسول اللهِ أتُحِبُّ ذَلِكَ؟ اخرُجْ ثُمَّ لا تُكَلِّمْ أحَدًا مِنهُم كَلِمَةً حَتَّى تَنحَرَ بُدنَكَ وتَدعوَ حالِقَكَ فيَحلِقَكَ. فقامَ فخَرَجَ فلَم يُكَلِّمْ أحَدًا مِنهُم حَتَّى فعَلَ ذَلِكَ ونَحَرَ هَديَه ودَعا حالِقَه يَعنى فحَلَقَه، فلَمّا رأوا ذَلِكَ قاموا فنَحَروا وجَعَلَ بَعضُهُم يَحلِقُ بَعضًا حَتَّى كادَ بَعضُهُم يَقتُلُ بَعضًا غَمًّا، ثُمَّ جاءَه نِسوَةٌ مُؤمِناتٌ فأَنزَلَ اللهُ عَزَّ وجَلَّ: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ} حَتّى بَلَغَ: {بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ} [الممتحنة: ١٠]. قال: فطَلَّقَ عُمَرُ يَومَئذٍ امرأتَينِ كانَتا له فى الشِّركِ، فتَزَوّجَ إحداهُما مُعاويَةُ بنُ أبى سُفيانَ، والأُخرَى صَفوانُ بنُ أُمَيَّةَ، ثُمَّ رَجَعَ إلَى المَدينَةِ، فجاءَه أبو بَصيرٍ رَجُلٌ مِن قُرَيشٍ (٢)


(١) الغرز: هو للإبل بمنزلة الركاب للفرس، أى: فتمسك بأمره، ولا تخالفه كما يتمسك المرء بركاب
الفارس فلا يفارقه. إرشاد السارى ٤/ ٤٥٠.
(٢) قال القسطلانى: ومعنى كونه من قريش أنه منهم بالحلف، وإلا فهو ثقفى. إرشاد السارى ٤/ ٤٥١.