للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فأَقامَ بها ثَلاثًا، وأَنَّه لا يَدخُلُها إلَّا بسِلاحِ الرّاكِبِ والسُّيوفِ فى القُرُبِ، وأَنَّه مَن أتانا مِن أصحابِكَ بغَيرِ إذنِ وليِّه لَم نَرُدَّه عَلَيكَ، وأَنَّه مَن أتاكَ مِنّا بغَيرِ إذنِ وليِّه رَدَدتَه عَلَينا. وذَكَرَ الحديث فى كِتْبةِ الصَّحيفَةِ قال: فإِنَّ الصَّحيفَةَ لَتُكتَبُ إذ طَلَعَ أبو جَندَلِ ابنُ سُهَيلِ بنِ عمرٍو يَرسُفُ فى الحَديدِ، وقَد كان أبوه حَبَسَه فأَفلَتَ، فلَمّا رآه سُهَيلٌ قامَ إلَيه فضَرَبَ وجهَه، وأَخَذَ [يُلَبِّبُه يَتُلُّه] (١)، وقالَ: يا محمدُ قَد ولَجَتِ القَضيَّةُ بينِى وبَينَكَ قبلَ أن يأتيَكَ هذا. قال: "صَدَقتَ". وصاحَ أبو جَندَلٍ بأَعلَى صوتِه: يا مَعشَرَ المُسلِمينَ أأُرَدُّ إلَى المُشرِكينَ يَفتِنونِى فى دينِى؟ فقالَ رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- لأبِى جَندَلِ: "أبا جَندَلٍ، اصبِرْ واحتَسِبْ فإِن اللهَ جاعِلٌ لَكَ ولمَن مَعَكَ مِنَ المُستَضعَفينَ فرَجًا ومَخرَجًا، إنّا قَد صالَحنا هَؤُلاءِ القَومَ، وجَرَى بَينَنا وبَينَهُمُ العَهدُ، وإِنّا لا نَغدِرُ". فقامَ عُمَرُ بنُ الخطابِ يَمشِى إلَى جَنبِ أبى جَندَلٍ وأَبوه يَتُلُّه، وهو يقولُ: أبا جَندَلٍ، اصبِرْ واحتَسِبْ؛ فإِنَّما هم المُشرِكونَ، وإِنَّما دَمُ أحَدِهِم دَمُ كَلبٍ. وجَعَلَ عُمَرُ يُدنِى مِنه قائمَ السَّيفِ، فقالَ عُمَرُ: رَجَوتُ أن يأخُذَه فيَضرِبَ به أباه فضَنَّ بأَبيه. ثُمَّ ذَكَرَ الحديثَ فى التَّحَلُّلِ مِنَ العُمرَةِ والرُّجوعِ. قالا: ولما قَدِمَ رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- المَدينَةَ واطمأنَّ بها أفلَتَ إلَيه أبو بَصيرٍ عُتبَةُ بنُ أَسيدِ بنِ جاريَةَ الثَّقَفِىُّ حَليفُ بَنى زُهرَةَ، فكَتَبَ إلَى رسولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- فيه الأخنَسُ بنُ شَريقٍ والأزهَرُ بنُ عبدِ عَوفٍ، وبَعَثا بكِتابِهِما مَعَ مَولًى لَهُما ورَجُلٍ مِن بَنِى عامِرِ بنِ لُؤَىٍّ استأجَراه


(١) فى م: "بلبته فتله"، وكتب فى الأصل فوق المثبت: "خ، ر". ولببت الرجل ولبَّبْتُه: إذا جعلتَ
فى عنقه ثوبًا أو غيره وجررته به، وتله: صرعه وألقاه. ينظر النهاية ١/ ١٩٣، ١٩٥، ٤/ ٢٢٣.