للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

لَيَرُدَّ عَلَيهِما صاحِبَهُما أبا بَصيرٍ، فقَدِما على رسولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- فدَفَعا إلَيه كِتابَهُما، فدَعا رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- أبا بَصيرٍ، فقالَ له: "يا أبا بَصيرٍ إنَّ هَؤُلاءِ القَومَ قَد صالَحونا على ما قَد عَلِمتَ، وإِنّا لا نَغدِرُ، فالحَقْ بقَومِكَ". فقالَ: يا رسولَ اللهِ تَرُدُّنِى إلَى المُشرِكينَ يَفتِنونِى فى دينِى ويَعبَثونَ بى؟ فقالَ رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "اصبِر يا أبا بَصيرٍ واحتَسِبْ، فإِنّ اللهَ جاعِلٌ لَكَ ولِمَن مَعَكَ مِنَ المُستَضعَفينَ مِنَ المُؤمِنينَ فرَجًا ومَخرَجًا". قال: فخَرَجَ أبو بَصيرٍ وخَرَجا، حَتَّى إذا كانوا بذِى الحُلَيفَةِ جَلَسوا إلَى سُورِ جِدارٍ، فقالَ أبو بَصيرٍ لِلعامِرِىِّ: أصارِمٌ سَيفُكَ هذا يا أخا بَنِى عامِرٍ؟ قال: نَعَم. قال: أنظُرُ إلَيه؟ قال: إن شِئتَ. فاستَلَّه فضَرَبَ به عُنُقَه، وخَرَجَ المَولَى يَشتَدُّ، فطَلَعَ على رسولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- وهو جالِسٌ فى المَسجِدِ فلَمّا رآه رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- قال: "هذا رَجُلٌ قَد رأى فزَعًا". فلَمّا انتَهَى إلَيه قال: "ويحَكَ ما لَكَ؟ ". قال: قَتَلَ صاحِبُكُم صاحِبِى. فما بَرِحَ حَتَّى طَلَعَ أبو بَصيرٍ مُتَوَشِّحًا السَّيفَ، فوَقَفَ على رسولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- فقالَ: يا رسولَ اللهِ وفَتْ ذِمَّتُكَ، وأَدَّى اللهُ عَنكَ، وقَدِ امتَنَعتُ بنَفسِى عن المُشرِكينَ أن يَفتِنونِى فى دينِى أو أن يَعبَثوا بى. فقالَ رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "ويلُ أُمِّه مِحَشَّ (١) حَربٍ لَو كان مَعَه رِجالٌ". فخَرَجَ أبو بَصيرٍ حَتَّى نَزَلَ بالعِيصِ، وكانَ طَريقَ أهلِ مَكَّةَ إلَى الشّامِ، فسَمِعَ به مَن كان بمَكَّةَ مِنَ المُسلِمينَ، وبِما قال رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- فيه، فلَحِقوا به حَتَّى كان فى عُصبَةٍ مِنَ المُسلِمينَ قَريبٍ مِنَ السِّتّينَ أوِ السَّبعينَ، فكانوا لا


(١) فى س: "مسعر". ومحش حرب: أى محركها وملهبها كالمِحش، وهو العود الذى يحرك به النار
لتتقد وتلتهب. مشارق الأنوار ١/ ٢١٤.