للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فأَحفَظَه (١)، ففَتَحَ له فلَمّا دَخَلَ عَلَيه قال له: ويحَكَ يا كَعبُ، جِئتُكَ بعِزِّ الدَّهرِ؛ بقُرَيشٍ مَعَها قادَتُها حَتَّى أنزَلتُها برومَةَ، وجِئتُكَ بغَطَفانَ على قادَتِها وسادَتِها حَتَّى أنزَلتُها إلَى جانِبِ أُحُدٍ، جِئتُكَ ببَحرٍ طامٍّ (٢) لا يَرُدُّه شَئٌ. فقالَ: جِئتَنِى واللهِ بالذُّلِّ، ويلَكَ فدَعْنِى وما أنا عَلَيه؛ فإِنَّه لا حاجَةَ لِى بكَ ولا بما تَدعونِى إلَيه. فلَم يَزَلْ حُيَىُّ بنُ أخطَبَ يَفتِلُه فى الذِّروَةِ والغارِبِ (٣) حَتَّى أطاعَ له وأَعطاه حُيَىٌّ العَهدَ والميثاقَ؛ لَئن رَجَعَت قُرَيشٌ وغَطَفانُ قبلَ أن يُصيبوا محمدًا لأدخُلَنَّ مَعَكَ فى حِصنِكَ حَتَّى يُصيبَنِى ما أصابَكَ. فنَقَضَ كَعبٌ العَهدَ وأَظهَرَ البَراءَةَ مِن رسولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- وما كان بَينَه وبَينَه. قال ابنُ إسحاقَ: حَدَّثَنِى عاصِمُ بنُ عُمَرَ بنِ قَتادَةَ قال: لما بَلَغَ رسولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- خَبَرُ كَعبٍ ونَقضُ بَنِى قُرَيظَةَ بَعَثَ إلَيهِم سَعدَ بنَ عُبادَةَ وسَعدَ بنَ مُعاذٍ وخَوّاتَ بنَ جُبَيرٍ وعَبدَ اللهِ بنَ رَواحَةَ ليَعلَموا خَبَرَهُم، فلَمّا انتَهَوا إلَيهِم وجَدوهُم على أخبَثِ ما بَلغَهُم. قال ابنُ إسحاقَ: حَدَّثَنِى عاصِمُ بنُ عُمَرَ بنِ قَتادَةَ عن شَيخٍ مِن بَنِى قُرَيظَةَ. فذَكَرَ قِصَّةَ سَبَبِ إسلامِ ثَعلَبَةَ وأَسيدٍ ابنَى سَعيَةَ وأَسَدِ بنِ عُبَيدٍ ونُزولِهِم عن حِصنِ بَنِى قُرَيظَةَ، وإِسلامِهِم، وخَرَجَ فى تِلكَ اللَّيلَةِ فيما زَعَمَ


= ليطبخ. غريب الحديث لابن الجوزى ١/ ١٥٧.
(١) أحفظه: أغضبه. الفائق ٢/ ٤٩.
(٢) الطام: الماء الكثير. التاج ٣٣/ ٢٧ (ط م م).
(٣) الغارب: مقدم السنام، والذروة: أعلاه. أراد أنه ما زال يخادعه ويتلطفه حتى أجابه، والأصل فيه أن الرجل إذا أراد أن يؤنس البعير الصعب ليزمه وينقاد له جعل يمر يده عليه ويمسح غاربه ويفتل وبره حتى يستأنس ويضع فيه الزمام. اللسان ١/ ٦٤٢ (غ ر ب).