للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

جَعَلَنِى اللهُ فِداءَكَ؟ فقالَ لِى: هَل تَعرِفُ أيلَةَ؟ فقُلتُ: وما أيلَةُ؟ قال: قَريَةٌ كان بها ناسٌ مِنَ اليَهودِ، فحَرَّمَ اللهُ عَلَيهِمُ الحيتانَ يَومَ السَّبتِ، فكانَت حيتانُهُم تأتيهِم يَومَ سَبتِهِم شُرَّعًا، بيضٌ سِمانٌ كأمثالِ المَخاضِ (١) بأفنياتِهِم (٢) وأبنياتِهِم، فإِذا كان في غَيرِ يَومِ السَّبتِ لَم يَجِدوها ولَم يُدرِكوها إلَّا في مَشَقَّةٍ ومُؤنَةٍ شَديدَةٍ، فقالَ بَعضُهُم لِبَعضٍ، أو مَن قال ذَلِكَ مِنهُم: لَعَلَّنا لَو أخَذناها يَومَ السَّبتِ وأكَلناها في غَيرِ يَومِ السَّبتِ. ففَعَلَ ذَلِكَ أهلُ بَيتٍ مِنهُم، فأخَذوا فشَوَوا، فوَجَدَ جيرانُهُم ريحَ الشِّواءِ فقالوا: واللهِ ما نَرَى أصابَ بَنِى فُلانٍ شَئٌ. فأخَذَها آخَرونَ، حَتَّى فشا ذَلِكَ فيهِم وكَثُرَ، فافتَرَقوا فِرَقًا ثَلاثَةً؛ فِرقَةٌ أكَلَت، وفِرقَةٌ نَهَت، وفِرقَةٌ قالَت: {لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا} [الأعراف: ١٦٤]. فقالَتِ الفِرقَةُ التى نَهَت: إنّا نُحَذِّرُكُم غَضَبَ اللهِ وعِقابَه أن يُصيبَكُمُ اللهُ بخَسفٍ أو قَذفٍ أو ببَعضِ ما عِندَه مِنَ العَذابِ، واللهِ لا نُبايِتُكُم في مَكانٍ وأنتُم فيه. قال: فخَرَجوا مِنَ السُّورِ، فغَدَوا عَلَيه مِنَ الغَدِ فضَرَبوا بابَ السُّورِ، فلَم يُجِبهُم أحَدٌ، فأتَوا بسُلَّمٍ فأسنَدوه إلَى السُّورِ، ثُمَّ رَقِىَ مِنهُم راقٍ على السُّورِ فقالَ: يا عِبادَ اللهِ، قِرَدَةٌ واللهِ لها أذنابٌ تَعاوَى (٣). ثَلاثَ مَرّاتٍ. ثُمَّ نَزَلَ مِنَ السُّورِ ففَتَحَ السُّورَ، فدَخَلَ النّاسُ عَلَيهِم، فعَرَفَتِ القُرودُ أنسابَها مِنَ الإنسِ، ولَم تَعرِفِ الإنسُ أنسابَها مِنَ القُرودِ.


(١) المخاض: اسم للنوق الحوامل، واحدتها خلفة، وهو نادر على غير قياس. النهاية ٤/ ٣٠٦، والتاج ١٩/ ٤٨ (م خ ض).
(٢) في س، م: "بأفنيائهم".
(٣) في م: "تعادى".