ابنُ الجَعد، أنبأنا شُعبَةُ، عن سِماكِ بنِ حَربٍ قال: سَمِعتُ عياضًا الأشعَرِيَّ، أن أبا موسَى وفَدَ إلَى عُمَرَ بنِ الخطابِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- ومَعَه كاتِبٌ نَصرانِيٌّ، فأعجَبَ عُمَرَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- ما رأى مِن حِفظِه فقالَ: قُلْ لِكاتِبِكَ يَقرأْ لَنا كِتابًا. قال: إنَّه نَصرانِيٌّ لا يَدخُلُ المَسجِدَ. فانتَهَرَه عُمَرُ وهَمَّ به، وقالَ: لا تُكرِموهُم إذ أهانَهُمُ اللهُ، ولا تُدنوهُم إذ أقصاهُمُ اللهُ، ولا تتَّمِنوهم (١) إذ خَوَّنَهُمُ اللهُ عَزَّ وجَلَّ.
٢٠٤٣٧ - وأخبرَنا أبو القاسِمِ زَيدُ بن أبي هاشِمٍ العَلَوِيُّ وأبو القاسِمِ عبدُ الواحِدِ بن محمدِ بنِ النَّجَّارِ المُقرِئُ بالكوفَةِ قالا: أنبأنا أبو جَعفَرِ ابنُ دُحَيمٍ، حَدَّثَنَا أحمدُ بن حازِمٍ، حَدَّثَنَا عمرُو بن حَمَّادٍ، عن أسباطَ، عن سِماكٍ، عن عياضٍ الأشعَرِيَّ، عن أبي موسَي، أن عُمَرَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- أمَرَه أن يَرفَعَ إلَيه ما أخَذَ وما أعطَى في أديمٍ واحِدٍ، وكانَ لأبِي موسَى كاتِبٌ نَصرانِيٌّ يَرفَعُ إلَيه ذَلِكَ، فعَجِبَ عُمَرَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- وقالَ: إنَّ هذا لَحافِظٌ. وقالَ: إنَّ لَنا كِتابًا في المَسجِد، وكانَ جاءَ مِنَ الشّامِ فادعُه فليَقرأْ. قال أبو موسَى: إنَّه لا يَستَطيعُ أن يَدخُلَ المَسجِدَ. فقالَ عُمَرُ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-: أجُنُبٌ هوَ؟ قال: لا، بَل نَصرانِيٌّ. قال: فانتَهَرَنِي وضَرَبَ فخِذِي وقالَ: أخرِجْه، وقَرأ:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}[المائدة: ٥١]. قال أبو موسَى: واللهِ ما تَوَلَّيتُه، إنَّما كان يَكتُبُ. قال: أما وجَدتَ في أهلِ الاسلامِ مَن يَكتُبُ لَكَ؟! لا تُدنِهِم إذ أقصاهُمُ اللهُ، ولا
(١) كتب فوقها في الأصل: "كذا". وكتب في الحاشية: "هي لغة، والله أعلم". وفي س، م: "تأتمنوهم". ينظر لسان العرب ١٣/ ٢١ (أ م ن).