للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

اختِلافُ العِباراتِ (١).

قال الشيخُ رَجمَه اللَّهُ: فمَن ذَهَبَ إلَى هذا زَعَمَ أنَّ هذا أيضًا مَذهَبُ الشّافِعِىِّ رَحِمَه اللَّهُ؛ ألا تَراه قال فى كِتابِ أدَبِ القاضِى: ذَهَبَ الناسُ مِن تأوُّلِ القُرآنِ والأحاديثِ والقياسِ، أو مَن ذَهَبَ مِنهُم، إلَى أُمورٍ اختَلَفوا فيها فتَبايَنوا فيها تَبايُنًا شَديدًا، واستَحَلَّ فيها بَعضُهُم مِن بَعضٍ بَعضَ ما تَطولُ حِكايَتُه، وكُلُّ ذَلِكَ مُتَقادِمٌ؛ مِنه ما كان فى عَهدِ السَّلَفِ وبَعدَهُم إلَى اليَومِ، فلَم نَعلَمْ أحَدًا مِن سَلَفِ هذه الأُمَّةِ يُقتَدَى به، ولا مِنَ التّابِعينَ بَعدَهُم، رَدَّ شَهادَةَ أحَدٍ بتأويلٍ وإِن خَطَأه وضَفَلَه. ثُمَّ ساقَ الكَلامَ إلَى أن قال: وشَهادَةُ مَن يَرَى الكَذِبَ شِركًا باللَّهِ أو مَعصيَةً له يوجِبُ عَلَيها النّارَ، أولَى أن تَطيبَ النَفسُ عَلَيها مِن شَهادَةِ مَن يُخَفِّفُ المأثَمَ فيها (٢).

قالوا: والَّذِى رُوِّينا عن الشّافِعِىِّ وغَيرِه مِنَ الأئمَّةِ مِن تكفيرِ هَؤُلاءِ المُبتَدِعَةِ فإِنَّما أرادوا به كُفرًا دونَ كُفرٍ، وهو كما قال اللَّهُ عَزَّ وجَلَّ: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} [المائدة: ٤٤]. قال ابنُ عباسٍ: إنَّه لَيسَ بالكُفرِ الَّذِى تَذهَبونَ إلَيه؛ إنَّه لَيسَ بكُفرٍ يَنقُلُ عن مِلَّةٍ، ولَكِنْ كُفرٌ دونَ كُفرٍ (٣).

قال الشيخُ رَحِمَه اللَّهُ: فكأنَّهُم أرادوا بتَكفيرِهِم ما ذَهَبوا إلَيه مِن نَفى هذه


(١) المصنف فى المعرفة ٧/ ٤٣٠.
(٢) الأم ٦/ ٢٠٥، ٢٠٦.
(٣) تقدم فى (١٥٩٥١).