للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الصِّفاتِ التى أثبَتَها اللَّهُ تَعالَى لِنَفسِه، وجُحودِهِم لها بتأويلٍ بَعيدٍ مَعَ اعتِقادِهِم إثباتَ ما أثبَتَ اللَّهُ تَعالَى، فعَدَلوا عن الظّاهِرِ بتأويلٍ، فلَم يَخرُجوا به عن المِلَّةِ، وإِنْ كان التَّأويلُ خَطأً، كما لَم يَخرُجْ مَن أنكَرَ إثباتَ المُعَوِّذَتَينِ فى المَصاحِفِ كَسائرِ السّوَرِ مِنَ المِلَّةِ؛ لما ذَهَبَ إلَيه مِنَ الشُّبهَةِ، وإِن كانَت عِندَ غَيرِه خَطأً، والَّذِى رُوِّينا عن النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- مِن قَولِه: "القَدَريَّةُ مَجوسُ هذه الأُمَّةِ" (١) فإنَّما سَمّاهُم مَجوسًا لمضاهاةِ بَعضِ ما يَذهَبونَ إلَيه مَذاهِبَ المَجوسِ فى قَولِهِم بالأصلَينِ؛ وهُما النّورُ والظُّلمَةُ، يَزعُمونَ أن الخَيرَ مِن فِعلِ النّورِ، وأنَّ الشَّرَّ مِن فِعلِ الظُّلمَةِ، فصاروا ثَنَويَّةً، كَذَلِكَ القَدَريَّةُ يُضيفونَ الخَيرَ إلَى اللَّهِ والشَّرَّ إلَى غَيرِه، واللَّهُ تَعالَى خالِقُ الخَيرِ والشَّرِّ، والأمرانِ مَعًا مُضَافانِ (٢) إلَيه خَلقًا وإيجادًا، وإِلَى الفاعِلينَ لَهُما مِن عِبادِه فِعلًا واكتِسابًا. هذا قَولُ أبى سُلَيمانَ الخَطابِىِّ رَحِمَه اللَّهُ على الخَبَرِ (٣).

٢٠٩٤١ - وقالَ أبو بكرٍ أحمدُ بنُ إسحاقَ الصِّبْغِىُّ فيما أخبرَنا أبو عبدِ اللَّهِ الحافظُ عنه، فى الدَّليلِ على أن القَدَريَّةَ مَجوسُ هذه الأُمَّةِ: إن المَجوسَ قالَت: خَلَقَ اللَّهُ بَعضَ هذه الأعراضِ دونَ بَعضٍ؛ خَلَقَ النّورَ ولَم يَخلُقِ الظُّلمَةَ. وقالَتِ القَدَريَّةُ: خَلَقَ اللَّهُ بَعضَ الأعراضِ دونَ بَعضٍ؛ خَلَقَ صَوتَ الرَّعدِ ولَم يَخلُقْ صَوتَ المِقدَحِ (٤). وقالَتِ المَجوسُ: إنَّ اللَّهَ لَم


(١) تقدم فى (٢٠٩٠٨).
(٢) فى م: "منضافان".
(٣) فى م: "الخير". وينظر كلام الخطابى فى معالم السنن ٤/ ٣١٧.
(٤) المقدح: حديدة الزند يقدح بها. ينظر التاج ٧/ ٣٩ (ق د ح).