للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأنزل به القرآن مع كونه عربى اللسان، قرشى الدار والنسب، ومن خير قبائل العرب من نسل هاشم والمطلب، ثم اجتهد في حفظ كتاب اللَّهِ عز وجل وسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم - وآثار أصحابه وأقوالهم وأقوال من بعدهم في أحكام اللَّهِ عز وجل، حتى عرف الخاص من العامِّ والمفسَّر من المجمل، والفرض من الأدب، والحتم من الندب، واللازم من الإباحة، والناسخ من المنسوخ، والقوي من الأخبار من الضعيف، والشاذ منها من المعروف، والإجماع من الاختلاف، ثم شبه الفرع المختلف فيه بالأصل المتفق عليه من غير مناقضة منه للبناء الذي أسسه، ولا مخالفة منه للأصل الذي أصله، فخرجتْ بحمد اللَّهِ ونعمته أقواله مستقيمة وفتاويه صحيحة" (١).

هكذا اختار المصنف رحمه اللَّهِ المذهب الشافعي عن اقتناع وعن في راية بغيره من المذاهب وبعد تمحيص ودراسة ومقارنة وتحقيق، ولذلك فقد أعطاه غاية اهتمامه وجل جهده، فجمع نصوص الإِمام الشافعي أولًا وصنف لها مصنفا مستقلا، ثم جرد نفسه لشرح أقواله وتبيين آرائه وتأييدها، بكل ما ملك من علوم ومعرفة دون أن يدفعه ذلك إلى التعصب الأعمى الذي لا يرى إلا نصرة مذهبه والغض من غيره، بل سلك مسلكا وسطا معتدلا، فهو شافعى عن اقتناع، وبذل الجهد في نصرة مذهبه، وهو أيضًا يَعرف لغير الشافعية قدرهم وعلمهم واجتهادهم، ويعرف أن كلا منهم اجتهد بمبلغ علمه قاصدا الحق


(١) معرفة السنن ١/ ١٢٥، ١٢٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>