والصواب من ذلك، وما كان عندهم من مخالفة فإنه يرجو "ألا يؤخذ على واحد منهم أنه خالف كتابا نصا ولا سنة قائمة ولا جماعة ولا قياسا صحيحا عنده، ولكن قد يجهل الرجل السنة فيكون له قول يخالفها لا أنه عمد خلافها، وقد يغفل المرء ويخطئ في التأويل"(١).
ويلخص البيهقيُّ منهجه في ذلك بقوله:"إني منذ نشأت وابتدأت في طلب العلم أكتب أخبار سيدنا المصطفى صلى اللَّهِ عليه وسلم وعلى آله أجمعين، وأجمع آثار الصحابة الذين كانوا أعلام الدين، وأسمعها ممن حملها وأتعرف أحوال رواتها من حفاظها، وأجتهد في تمييز صحيحها من سقيمها، ومرفوعها من موقوفها، وموصولها من مرسلها، ثم انظر في كتب هؤلاء الأئمة الذين قاموا بعلم الشريعة وبنى كلُّ واحد منهم مذهبه على مبلغ علمه من الكتاب والسنة، فأرى كل واحد منهم - رضي الله عنهما - جميعهم قصَد قَصْد الحق فيما تكلف، واجتهد في أداء ما كلف، وقد وعد رسول اللَّهِ -صلى اللَّهِ عليه وسلم- في حديث صحيح عنه لمن اجتهد فأصاب أجرين ولمن اجتهد فأخطأ أجرا واحدا، ولا يكون الأجر على الخطأ، وإنما يكون على ما تكلف من الاجتهاد، ويرفع عنه إثم الخطأ بأنه إنما كلف الاجتهاد في الحكم على الظاهر دون الباطن"(١).
وقد أثنى إمامُ الحرمين الجوينيُّ على مدى خدمةِ البيهقيِّ لمذهبِ الشافعي بقوله: "ما من شافعيٍّ إلا وللشافعيِّ في عنقِه مِنَّةٌ، إلا البيهقيَّ؛ فإنَّه