والبيهقي، فإن عقيدة أحمد التي كتبها أبو الفضل هي التي اعتمدها البيهقي مع أن القوم ماشون على السنة (١).
وقد عد أهل العلم أن ما وقع في كلامه في كتاب الاعتقاد إنما دخل عليه من كلام المتكلمين وتكلفهم فراج عليه واعتقد صحته.
والبيهقي مع توليه للمتكلمين من أصحاب أبى الحسن الأشعرى، فقد ألف كتابه "الأسماء والصفات" وروى في هذا الكتاب النصوص المثبتة لصفات اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ بإسناده إلى النبي -صلى اللَّهِ عليه وسلم-، فمثلا قال في كتاب "الأسماء والصفات": باب ما جاء في إثبات اليدين صفتين لا من حيث الجارحة؛ لورود الخبر الصادق به. يعني إثبات اليدين لله حقيقة، لا على الوجه الثابت للمخلوق، هذه اليد الجارحة للمخلوق لكن نثبتها حقيقة لله على الوجه اللائق به سبحانه. قال اللَّهِ تعالى:{قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ}، وقال:{بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ}.
وذكر الأحاديث الصحاح في هذا الباب، مثل قوله في حديث الشفاعة:"يا آدمُ أنتَ أبو البَشرِ، خلقكَ اللَّهِ بيدِهِ ونفخَ فيكَ من رُوحِه". ومثل قوله في الحديث المتفق عليه:"أنتَ موسى اصطفاكَ اللَّهِ بكلامِه، وخطَّ لك الألواحَ بيدِه". وفي لفظ:"وكتبَ لكَ التوراةَ بيدِه". ومثل ما في صحيح مسلم:"وغَرسَ كرامةَ أوليائِه في جنَّةِ عَدْنٍ بيدِه". ومثل قوله - صلى الله عليه وسلم -: "تكونُ الأرضُ يومَ القيامةِ خبزة واحدةً يتكفؤُها الجبارُ بيدِه كما يتكفأُ أحدُكمْ خبزته في السَّفَرِ نُزُلًا لأهلِ الجنةِ".