للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ثُمَّ تَلا: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ} إلَى آخِرِ الآيَةِ [الأنفال: ٤١]. ثُمَّ قال: هذا لِهَؤُلاءِ. ثُمَّ تَلا: {مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى} إلَى آخِرِ الآيَةِ. ثُمَّ قرأ: {لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ} إلَى آخِرِ الآيَةِ. ثُمَّ قال: هَؤُلاءِ المُهاجِرونَ. ثُمَّ تَلا: {وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ} إلَى آخِرِ الآيَةِ. فقالَ: هَؤُلاءِ الأنصارُ. قال: وقالَ: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ} إلَى آخِرِ الآيَةِ. قال: فهَذِه استَوعَبَتِ النّاسَ، فلَم يَبقَ أحَدٌ مِنَ المُسلِمينَ إلَّا ولَه في هذا المالِ حَقٌّ، إلَّا ما تَملِكونَ مِن رَقيقِكُم، فإِن أعِشْ إن شاءَ اللَّهُ لَم يَبقَ أحَدٌ مِنَ المُسلِمينِ إلَّا سَيأتيهِ حَقُّه، حَتَّى الرّاعِى بسَرْوِ حِميَرَ (١) يأتيه حَقُّه ولَم يَعرَقْ فيه جَبينُه (٢).

قال الشّافِعِىُّ - رضي الله عنه -: هذا الحديثُ يَحتَمِلُ مَعانِى مِنها: أن نَقولَ: لَيسَ أحَدٌ يُعطَى بمَعنَى حاجَةٍ مِن أهلِ الصَّدَقَةِ. أو مَعنَى أنَّه مِن أهلِ الفَئِ الَّذينَ يَغزونَ، إلَّا ولَه حَقٌّ في هذا المالِ؛ الفَئِ أوِ الصَّدَقَةِ، وهَذا كأنَّه أولَى مَعانيه، فقَد قال النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - في الصَّدَقَةِ: "لا حَظَّ فيها لَغَنِىٍّ، ولا لِذِى مِرَّةٍ مُكتسِبٍ". والَّذِى أحفَظُ عن أهلِ العِلمِ أن الأعرابَ لا يُعطَونَ مِنَ الفَئِ (٣).

قال الشيخُ: قَد مَضَى هذا في حَديثِ بُرَيدَةَ عن النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - (٤). وقَد حَكَى


(١) سرو حمير: السرو ما ارتفع عن مجرى السيل وانحدر عن غلظ الجبل، وسرو حمير: منازلهم. معجم البلدان ٣/ ٢١٧.
(٢) المصنف في الصغرى (٣٨١٢). وأخرجه النسائي (٤١٥٩) من طريق أيوب به مطولًا. وتقدم في (١٣١١٠).
وصححه الألبانى في صحيح النسائي (٣٨٦٧).
(٣) الأم ٤/ ١٥٥.
(٤) تقدم في (١٣١١٨).