للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فأَخَذَه النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-، فنَظَرَ فيه فقالَ: "قَد كَتَبَ لَكَ بالَّذِى أمَرتُ لَكَ به". فذَكَرَ الحديثَ، ثُمَّ قال رسولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "مَن سأَلَ مَسأَلَةً وهو مِنها غَنِيٌّ، فإنَّما يَستَكثِرُ مِنَ النَّارِ". قالوا: يا رسولَ اللَّهِ، وما الغِنَى الَّذِى لا يَنبَغِى مَعَه المَسأَلَةُ؟ قال: "أن يَكونَ له شِبَعُ يَومٍ ولَيلَةٍ أو لَيلَة ويَومٍ" (١).

ولَيسَ شَئٌ مِن هذه الأحاديثِ بمُختَلِفٍ، فكأَنَ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- عَلِمَ ما يُغنِى كُلَّ واحِدٍ مِنهُم، فجَعَلَ غِناه به؛ وذَلِكَ لأنَّ النَّاسَ يَختَلِفونَ فى قَدرِ كِفاياتِهِم؛ فمِنهُم مَن يُغنيه خَمسونَ دِرهَمًا لا يُغنيه أقَلُّ مِنها، [ومِنهُم مَن يُغنيه أربَعونَ دِرهَمًا لا يُغنيه أقَلُّ مِنها] (٢)، ومِنهُم مَن له كَسبٌ يَدِرُّ عَلَيه كُلّ يَومٍ ما يُغَدّيه ويُعَشّيه، ولا عيالَ له، فهو مُستَغنٍ بهِ.

١٣٣٤٢ - وذَلِكَ بَيِّنٌ فيما أخبرَنا أبو عبدِ اللَّهِ الحافظُ وأبو سعيدِ ابنُ أبى عمرٍو قالا: حَدَّثَنَا أبو العباسِ محمدُ بنُ يَعقوبَ، حَدَّثَنَا يَحيَى بنُ أبى طالِبٍ، أخبرَنا عبدُ الوَهَّابِ بنُ عَطاءٍ، أخبرَنا الأخضَرُ بنُ عَجلانَ، حَدَّثَنِي أبو بكرٍ الحَنَفِيُّ، عن أنَسِ بنِ مالكٍ قال: جاءَ رَجُلٌ إلَى النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- فشَكا إلَيه الفاقَةَ، ثُمَّ رَجَعَ [فقالَ: يا رسولَ اللَّهِ، لَقَد جِئتُكَ مِن عِندِ أهلِ بَيتٍ ما أُرانِى أرجِعُ إلَيهِم حَتَّى يَموتَ بَعضُهُم. قالَ] (٢): فقالَ لى: "انطَلِقْ حَتَّى تَجِدَ مِن شَئٍ". قال: فانطَلَقَ فجاءَ بحِلسٍ (٣) وقَدَحٍ فقالَ: يا رسولَ اللَّه، هَذا الحِلسُ كانوا


(١) أخرجه أحمد (١٧٦٢٥) عن عليّ بن المدينى به. وأبو داود (١٦٢٩)، وابن خزيمة مختصرًا (٢٣٩١) من طريق النفيلى به. وصححه الألباني فى صحيح أبى داود (١٤٣١).
(٢) ليس فى: س، م.
(٣) الحلس: الكساء. النهاية: ١/ ٤٢٣.